التفاسير

< >
عرض

وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ ٱلْحَوَايَآ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَٰدِقُونَ
١٤٦
فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ
١٤٧
-الأنعام

حاشية الصاوي

قوله: { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ } الجار والمجرور متعلق بحرمنا، وهادوا صلة الذين سموا بذلك، لأنهم هادوا بمعنى رجعوا عن عبادة العجل. قوله: { كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } القراء السبعة على ضم الظاء والفاء، وقرئ شذوذاً بسكون الفاء وبكسر الظاء والفاء بسكون الفاء، وبقي في الظفر لغة خامسة لم يقرأ بها: أظفور وجمع الأولى أظفار، والأخيرة أظافير قياساً، وأظافر سماعاً. قوله: (كالإبل) أدخلت الكاف الأوز والبط. قوله: { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ } متعلق بحرمنا. قوله: (الثروب) جمع ثرب كفلس، شحم رقيق يغشى الكرش والامعاء، ولكن المراد بها هنا الشحم الذي على الكرش فقط، وإلا ناقض ما بعده. قوله: (وشحم الكلى) جمع كلوة أو كلية. قوله: { إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } ما اسم موصول في محل نصب على الاستثناء أو نكرة موصولة وجملة ظهورهما صلة أو صفة، والعائد محذوف.
قوله: { أَوِ ٱلْحَوَايَآ } معطوف على ظهورهما، وسميت بذلك لأنها محتوية على الفضلات لأنها تنحل في الكرش، ثم إذا صفيت استقرت في الأمعاء، أو لأنها محتوية بمعنى ملتفة كالحلقة. قوله: (الأمعاء) أي المصارين، والمعنى أن الشحم الذي تعلق بالظهور، أو احتوت عليه المصارين، أو اختلط بعظم كلحم الألية جائز لهم. قوله: (جمع حاوياء) أي كقاصعاء وقواصع، وقوله: (أو حاوية) أي كزاوية وزوايا، وقيل جمع حوية كهدية. قوله: (وهو شحم الألية) بفتح الهمزة. قوله: (بما سبق في سورة النساء) أي في قوله:
{ { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ } [النساء: 155] إلى أن قال: { { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء: 160]. قوله: (وفي إخبارنا ومواعيدنا) أي بأن سبب ذلك التحريم هو بغيهم، لا كما قالوا حرمها إسرائيل على نفسه فنحن مقتدون به، فقد كذبوا في ذلك، بل لم يطرأ التحريم إلا بعد موسى، ولم يكن ذلك محرماً على أحد قبلهم، لا في شرع إبراهيم ولا غيره، وإنما حرم إسرائيل على نفسه بالخصوص الإبل من أجل شفائه من عرق النساء الذي كان به، وقد تقدم الرد عليهم أيضاً في قوله تعالى: { { كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [آل عمران: 93]. قوله: (حيث لم يعالجكم بالعقوبة) أي فإمهاله للكافر من سعة رحمته، فإذا تاب خلده في الرحمة. قوله: (وفيه تلطف الخ) دفع ذلك ما يقال: إن مقتضى الظاهر فقل ربكم ذو عقاب شديد، فأجاب: بأنه تطلف بدعائهم إلى الإيمان ليطمع النائب ولا ييأس.
قوله: { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ } هذا من جملة المقول أيضاً، والمعنى لا يرد عذابه عمن لم يتب ومات على الكفر، فأطمعهم في الرحمة بالجملة الأولى، وبقي الاغترار بالجملة الثانية.