التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ
٦٨
وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
٦٩
-الأنعام

حاشية الصاوي

قوله: { وَإِذَا رَأَيْتَ } رأى بصرية والذين مفعولها، ويبعد كونها علمية، لأنه يقتضي أن المفعول الثاني محذوف، وحذفه إما شاذ أو ممنوع. قوله: { يَخُوضُونَ } الخوض في الأصل الدخول في الماء فيستعار للشروع والدخول في الكلام، فشبه آيات الله بالبحر، وطوى ذكر المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو الخوض، فإثباته تخييل، والجامع بينهما التعرض للهلاك في كل، فإن الخائض للبحر الغريق من متعرض للهلاك، فكذلك المتعرض للأباطيل في كلام الله.
قوله: { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } الخطاب له ولأصحابه، فالنهي عام وهو منسوخ بآية القتال. قوله: { فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } الضمير عائد على الآيات وذكر باعتبار كونها حديثاً. قوله: { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ } الخطاب له والمراد غيره، لأن إنساء الشيطان له مستحيل عليه. قوله: (بسكون النون والتخفيف) أي للسين من أنساه أوقعه في النسيان، وقوله (وفتحها) أي النون وقوله (والتشديد) أي للسين من نساه فيتعدى بالهمزة والتضعيف، وهما قراءتان سبعيتان، ومفعول ينسينك محذوف تقديره النهي أو ما أمرك الله به. قوله: (فيه وضع الظاهر الخ) أي زيادة في التشنيع عليهم، وأتى في جانب الرؤية بإذا المفيدة للتحقيق، وفي جانب الانساء بإن المفيدة إشارة إلى أن خوضهم في الآيات محقق، وإنساء الشيطان غير محقق، بل قد يقع وقد لا يقع. قوله: (وقال المسلمون) بيان لسبب نزول الآية.
قوله: { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ } الجار والمجرور خبر مقدم، و { مِّن شَيْءٍ } مبتدأ مؤخر. قوله: (إذا جالسوهم) أي فالجلوس مع الخائضين غير ممنوع لكن بشرط عدم مسايرتهم لما هم عليه وبشرط وعظهم ونهيهم عن المنكر، فهو تخصيص للنهي المتقدم. قوله: { وَلَـٰكِن } (عليهم) { ذِكْرَىٰ } أشار بذلك إلى أن ذكرى مبتدأ خبر محذوف، ويصح أن يكون مفعولاً لمحذوف تقديره ولكن يذكرونهم ذكرى. قوله (الذي كلفوه) أي وهو دين الإسلام، ودفع بذلك ما يقال المشركون لا دين لهم من الأديان المشروعة، فكيف أضيف إليهم دين، وأخبر عنه أنهم اتخذوه لعباً ولهواً. قوله: (وهذا قبل الأمر بالقتال) أي فهو منسوخ بآياته، ويدخل في عموم هذه الآية، من اتخذ دين الإسلام لهواً ولعباً، وأحدث فيه ما ليس منه، كالخوارج وبعض من يدعي الانتساب إلى الصالحين، حيث جعلوا الطريقة الموصلة إلى الله طبلاً وزمراً، وأحدثوا أموراً لا تحل في دين الله.