التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٣
ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٤
-الجمعة

حاشية الصاوي

قوله: { فِي ٱلأُمِّيِّينَ } أي اليها، وكذا قوله: { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } فهو على حد قوله: { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } [التوبة: 128] والحكمة في اقتصاره على الأميين، مع أنه رسول الله إلى كافة الخلق، تشريف العرب حيث أضيف اليهم. قوله: { رَسُولاً مِّنْهُمْ } أي من جملتهم ومن نسبتهم، فما من وحي من العرب، إلا وله فيهم قرابة، ولهم عليه ولادة، إلا بني تغلب، فإن الله طهره منهم لنصرانيتهم كما قاله ابن اسحاق، والحكمة في كونه صلى الله عليه وسلم أمياً مثلهم، لكونه في كتب الأنبياء منعوتاً بذلك، وأيضاً لدفع توهم الاستعانة بالكتابة، على ما أتي به من الوحي، ليكون حاله مماثلة لحال أمته الذين بعث فيهم، فيكون أقرب إلى صدقه، وأبعد من التهم، لكن وصف الأمية كمال حقه، نقص في حق غيره.
قوله: { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ } حال من قوله: { رَسُولاً }. قوله: (يطهرهم من الشرك) أي يزيل عنهم الشبه وفساد العقيدة حتى يصيروا أزكياء. قوله: (مخففة من الثقيلة) أي بدليل وقوع اللام في خبرها. قوله: (عطف على الأميين) أي فهو مجرور، والمعنى: بعث إلى المؤمنين الموجودين، إلى الآتين منهم بعدهم، فليست رسالته خاصة بمن كان موجوداً في زمنه، بل هي عامة لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة، وما تقدم في الأميين من قوله: { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ } الخ، يجري في قوله: { وَآخَرِينَ } لكن التلاوة والتعليم والتزكية بنفسه لمن كان في زمنه، وبالواسطة لمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة. قوله: (أي الموجودين منهم) تفسير للأميين المعطوف عليه، وقوله: (والآتين) تفسير لآخرين، وفي نسخة وآتين وهي مشاكلة لآخرين في عدم التعريف.
قوله: { لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } أي في السبق إلى الإسلام والشرف، وهذا النافي مستمر دائماً، لأن الصحابة لا يلحقهم ولا يساويهم في فضلهم أحد ممن بعدهم، ولذا فسر لما بلم، وذلك لأن منفي (لم) أعم من كونه متوقع الحصول أو لا، بخلاف { لَمَّا } فمنفيها متوقع الحصول وليس مراداً. قوله: (والاقتصار عليهم) أي على التابعين في تفسير الآخرين، وهو جواب عما يقال: ما حكمة الاقتصار على التابعين الذين هم أفضل ممن بعدهم، لزم منهم تفضيلهم على جميع الناس إلى يوم القيامة، لأن كل قرن خير مما يليه قوله: (ممن بعث إليهم) بيان لقوله: (من عداهم) وقوله: (من جميع) الخ، بيان لقوله: (ممن بعث إليهم). قوله: (لأن كل قرن) تعليل لقوله: (كاف). قوله: { ذَلِكَ } أي ما ذكر من تفضيل الرسول وقومه. قوله: (النبي) تفسير لمن يشاء، وقوله: (ومن ذكر معه) هم الأميون والآخرون.