التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ
١٩
أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ
٢٠
أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ
٢١
-الملك

حاشية الصاوي

قوله: { أَوَلَمْ يَرَوْا } الهمزة داخلة على محذوف، والواو عاطفة عليه. والمعنى: أغفلوا ولم يروا. قوله: { إِلَى ٱلطَّيْرِ } يجمع على طيور وأطيار، ومفرد الطير طائر، فطيور وأطيار جمع الجمع. قوله: { صَـٰفَّـٰتٍ } حال ومفعوله محذوف قدره بقوله: (أجنحتهن) وكذا قوله: { وَيَقْبِضْنَ }. قوله: (أي وقابضات) أشار بذلك إلى أن الفعل مؤول باسم الفاعل معطوف على { صَـٰفَّـٰتٍ } والحكمة في تعبيره ثانياً بالفعل، ولم يقل وقابضات أن الأصل في الطيران صف الأجنحة، والقبض طائر عليه، فعبر عن الأصل باسم الفاعل، وعن الطارئ بالفعل الذي شأنه الحدوث. قوله: { مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ } عبر بالرحمن إشارة إلى أنه من جلائل النعم، وهذه الجملة مستأنفة. قوله: { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } أي فيعلم الأشياء الدقيقة الغريبة، فيدبرها على مقتضى ما يريد.
قوله: { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي } الخ، سبب نزول هذه الآية وما بعدها، أن الكفار كانوا يمتنعون من الإيمان ويعاندون رسول الله، معتمدين على شيئين: قوتهم بالأموال والعدد، واعتقادهم أن أصنامهم توصل إليهم الخيرات وتدفع عنهم المضرات، فأبطل الله الأول بقوله: { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ } الخ، وأبطل الثاني بقوله: { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي يَرْزُقُكُمْ } الخ، وأم هنا منقطعة تفسر ببل وحدها لدخولها على من الاستفهامية، ولا يصح تفسيرها ببل والهمزة، لئلا يدخل الاستفهام على مثله. قوله: (أعوان) أشار بذلك إلى أن جنداً لفظه مفرد ومعناه جمع. قوله: (يدفع عنهم عذابه) تفسير لقوله: { يَنصُرُكُمْ }. قوله: { إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ } اعتراض مقرر لما قبله، والالتفات عن الخطاب للغيبة، وإيذان بالإعراض عنهم، والإظهار في موضع الإضمار لذمهم بالكفر.
قوله: { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي يَرْزُقُكُمْ } تكتب أم موصولة بمن، فتكون ميماً واحدة متصلة بالنون، وكذا يقال فيما تقدم. قوله: { إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ } أي أسباب رزقه التي ينشأ عنها. قوله: (أي المطر) أي والنبات وغير ذلك كباقي الأسباب. قوله: { بَل لَّجُّواْ } الخ، اضراب انتقالي مبني على مقدر يستدعيه المقام، كأنه قيل: إنهم لم يتأثروا بتلك المواعظ ولم يذعنوا. قوله: { بَل لَّجُّواْ } الخ.