التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ
٣
ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ
٤
-الملك

حاشية الصاوي

قوله: { ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } أي فالأولى من موج مكفوف، والثانية من مرمرة بيضاء، والثالثة من حديد، والرابعة من نحاس أصفر، والخامسة من فضة، والسادسة من ذهب، والسابعة من ياقوتة حمراء، وبين السابعة والحجب صحارى من نور، وهذا على بعض الروايات. قوله: { طِبَاقاً } إما جمع طقبة أو طبق أو مصدر طابق، فالوصف به على الأول ظاهر، وعلى الثاني مبالغة. قوله: (بعضها فوق بعض من غير مماسة) وكلها علوية لا غير، وهذا مذهب أهل السنة، وقال أهل الهيئة: إن الأرض كروية، والسماء الدنيا محيطة بها إحاطة قشر البيضة من جميع الجونب، وللثانية محيطة بالجميع، وهكذا العرش محيط بالكل، والأرض بالنسبة لسماء الدنيا كحلقة ملقاة في فلاة، وسماء الدنيا بالنسبة للثانية كحلقة ملقاة في فلاة وهكذا، واعتقاد ما قاله أهل الهيئة لا يضر، وليس في الشرع ما يخالفه.
قوله: { مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } خطاب للنبي عليه السلام، او لكل من يصلح للخطاب، وإضافة خلق للرحمن من إضافة المصدر إلى فاعله، والمفعول محذوف قدره المفسر بقوله: (لهن ولا لغيرهن). قوله: { مِن تَفَاوُتٍ } بألف بين الفاء والواو، وبدونها مع تشديد الواو، قراءتان سبعيتان، ولغتان بمعنى واحد. قوله: (وعدم تناسب) أي اختلاف يخالف ما تعلقت به القدرة والإرادة، بل خلقه تعالى مستقيم متناسب على حسب تعلق قدرته وإرادته، بخلاف صنع العبد، فقد يأتي على خلاف ما يريده. قوله: { فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ } أي إن أردت العيان بعد الإخبار { فَٱرْجِعِ } فهو مرتب على قوله: { مَّا تَرَىٰ }.
قوله: { هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } بإدغام لام { هَلْ } في التاء واظهارها، قراءتان سبعيتان، هنا وفي الحاقة. قوله: (صدوع وشقوق) أي فلا يطرأ على السماء، ما دامت الدنيا صدوع، ولا شقوق لعدم تعلق ارادته بذلك، فليست كبنيان الخلائق، يتصدع ويتشقق بطول الزمان، مع كون صانعه لا يرد ذلك. قوله: (كرة بعد كرة) أشار بذلك: إلى أنه ليس المراد من قوله: { كَرَّتَيْنِ } حقيقة التثنية، بل التكثير بدليل قوله: { يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ } الخ، وانقلاب البصر { خَاسِئاً } حسيراً، لا يتأتى بنظرتين ولا ثلاث، فهو كقولهم: لبيك وسعديك. قوله: { يَنْقَلِبْ } العامة على جزمه في جواب الأمر، وقرئ برفعه إما على أنه حال مقدرة أو مستأنف حذفت منه الفاء، والأصل فينقلب. قوله: (ذليلاً) أي خاضعاً صاغراً متباعداً. قوله: (منقطع) أي بلغك الغاية في الإعياء والتعب.