التفاسير

< >
عرض

نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
١
-القلم

حاشية الصاوي

قوله: { نۤ } يقرأ بفك الإدغام من واو القسم وبإدغامه، وهما قراءتان سبعيتان، وهو بسكون النون عند السبعة، وقرئ شذوذاً بالفتح والكسر والضم. قوله: (أحد حروف الهجاء) غرضه بهذه العبارة الرد على المخالف، لأن منهم من قال: إنه اسم مقتطع من اسمه الرحمن أو النصير أو الناصر أو النور، فهو كسائر حروف الهجاء التي افتتح بها كثير من السور فهو من المتشابه، وقل: إنه الحوت الذي على ظهره الأرض، وعليه فحرف القسم مقدر تقديره ونون والقلم، قال أصحاب السير والأخبار: لما خلق الله الأرض وفتقها سبع أرضين، بعث من تحت العرش ملكاً، فهبط إلى الأرض حتى دخل الأرضين السبع حتى ضبطها، فلم يكن لقديمه موضع قرار، فأهبط الله تعالى من الفردوس ثوراً له أربعون ألف قرن، وأربعون ألف قائمة، وجعل قرار قدم الملك على سنامه، فلم تستقر قدمه، فأخذ الله ياقوتة خضراء من أعلى درجة الفردوس، غلظها مسيرة خمسمائة سنة، فوضعها بين سنام الثور إلى أذنه، فاستقر عليها قدما الملك، وقرون ذلك خارجة من اقطار الأرض، ومنخاراه في البحر، فهو يتنفس كل يوم نفساً فإذا تنفس مد البحر، وإذا رد نفسه جزر البحر، فلم يكن لقوئم الثور قرار، فخلق الله صخرة كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين، فاستقرت قوئم الثور عليها، وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه: فتكون في صخرة، فلم يكن للصخرة مستقر، فخلق الله تعالى نوناً وهو الحوت العظيم، فوضع الصخرة على ظهره وسائر جسده خال، والحزوت على البحر، والبحر على متن الريح، والريح على القدرة، فقيل: كل الدنيا بما عليها حرفان، قال لها الجبار سبحانه وتعالى وتنزه وتقدس: كوني فكانت. قوله: (الذي كتب به الكائنات) الخ، هذا أحد قولين، والآخر أن المراد به الجنس، وهو واقع على كل قلم يكتب به في السماء والأرض، قال تعالى: { وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ * ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } [العلق: 3-4] لأن القلم نعمة كاللسان عن ابن عباس: أول ما خلق القلم ثم قال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، من عمل أو أجل أو رزق أو أثر، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة. قال: ثم ختم فم القلم، فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة، وهو من نور طوله كما بين السماء والأرض. قوله: (أي الملائكة) يصح أن يراد بهم الملائكة الذين ينسخون المقادير من اللوح المحفوظ، وأن يراد بهم الحفظة الذين يكتبون عمل الإنسان، فأقسم أولاً بالقلم، ثم بسطر الملائكة على ثلاثة أشياء: نفى الجنون عنه، وثبوت الأجر له، وكونه على خلق عظيم، فالمقسم به شيئان أو ثلاثة: بزيادة نون، على أن المراد به الحوت.