التفاسير

< >
عرض

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ
٣٤
أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ
٣٥
فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ
٣٦
عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ
٣٧
أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ
٣٨
كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ
٣٩
فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ
٤٠
عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
٤١
-المعارج

حاشية الصاوي

قوله: (بأدائها في أوقاتها) أشار بذلك للفرق بين قوله فيما سبق { دَآئِمُونَ } وقوله هنا: { يُحَافِظُونَ } وحكمة تكرار ذكر الصلاة الإشارة إلى أنها أعظم من غيرها، لأنها عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين.
قوله: { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ } ما مبتدأ، و{ الَّذِينَ كَفَرُواْ } خبره، والمعنى: أي شيء ثبت لهم وحملهم على نظرهم إليك والتفرق. قوله: { قِبَلَكَ } حال، وكذا قوله: { مُهْطِعِينَ } و{ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ } فالأربعة أحوال من الموصول. قوله: (أي مديمي النظر) أي أو مسرعين، فالاهطاع إدامة النظر أو الإسراع. قوله: { عِزِينَ } جمع عزة وهي الجماعة، واختلفوا في لام عزة، فقيل: هي واو من عزوته أعزوه أي نسبته، وقيل: هي ياء، فيقال عزيته أعزية، وقيل هي هاء، فأصله عزهة، وعلى كل حذفت وعوض عنها تاء التأنيث، وهو مما ألحق بجمع المذكر السالم في إعرابه، لكونه اسماً ثلاثياً، حذفت لامه وعوض عنها هاء التأنيث. قوله: (قال تعالى) أي رداً عليهم هذه المقالة. قوله: { جَنَّةَ نَعِيمٍ } أضيفت له لأنه ليس فيها غيره. قوله: (من نطف) أي ثم من علق ثم من مضغ، والمعنى: المقصود من هذه الآية أنهم مخلوقون من نطفة، وهي لا تناسب عالم القدس لاستقذارها، فمن لم يتسكمل بالإيمان والطاعة، لم يتخلق بالأخلاق الملكية، لم يستعد لدخولها، ومن هذا المعنى قول الشاعر:

يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران
انهض إلى الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

قوله: { إِنَّا لَقَٰدِرُونَ } جواب القسم، قوله: { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ } أي بأن نخلق خلقاً غيرهم، أو نحول أوصافهم، فيكونوا أشد بطشاً في الدنيا، وأكثر أموالاً وأولاداً، وأعلى قدراً، وأكثر حشماً وخدماً وجاهاً، فيكونوا عندك على قلب واحد، في سماع قولك وتعظيمك والسعي في مرضاتك، بدل فعل هؤلاء من الاستهزاء والتصفيق وكل ما يغضبك، وقد فعل سبحانه وتعالى ما ذكر من الأوصاف بالهاجرين والأنصار والتابعين، فأعطاهم أموال الجبارين وبلادهم، وصاروا ملوك الدنيا والآخرة. قوله: { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } هذا من جملة المقسم عليه.