التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً
١٩
قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُواْ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً
٢٠
قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً
٢١
قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً
٢٢
إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً
٢٣
-الجن

حاشية الصاوي

قوله: { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ } الخ، سياق هذه الآية إنما يظهر في المرة الثانية، وهي التي كانت في الحجون، وكان معه فيها ابن معسود، وكان الجن إذ ذاك اثني عشر ألفاً، وقيل سبعين ألفاً، وبايع جميعهم وفرغوا من بيعته عند انشقاق الفجر، ووصفه الله بالعبودية، زيادة في تشريفه وتكريمه. قوله: (ببطن نخل) المناسب أن يقول: بحجون مكة، وهي المرة الثانية، وأما الأولى التي هي ببطن نخل، فكانوا سبعة أو تسعة، فلا يتأتى قوله: { كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً }. قوله: (بكسر اللام وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (جمع لبدة) أي بكسر اللام، كسدرة وسدر، على قراءة الكسر أو ضمها، كغرفة وغرف على قراءة الضم.
قوله: { قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُواْ رَبِّي } الخ، سبب نزولها: أن كفار قريش قالوا له: إنك جئت بأمر عظيم، قد عاديت الناس كلهم، فارجع عن هذا ونحن نجيرك وننصرك. قوله: (وفي قراءة) أي سبعية أيضاً، وعليها ففي الكلام التفات من الغيبة للخطاب. قوله: (إلهاً) قدره إشارة إلى أن أدعو بمعنى اعتقد، فتتعدى لمفعولين، ولو فسرها بأعبد، لا ستغنى عن هذا التقدير. قوله: (غياً) أشار بذلك إلى أن المراد بالضر الغي؛ فأطلق المسبب وأريد السبب، فإن الضر سببه الغنى فهو مجاز مرسل، وكذا يقال في قوله: { وَلاَ رَشَداً }.
قوله: { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي } الخ، بيان لعجزه عن شؤون نفسه، بعد بيان عجزه عن شؤون غيره. قوله: (استثناء من مفعول أملك) أي مجموع الأمرين وهما قوله: { ضَرّاً } و{ وَلاَ رَشَداً } بعد تأويلهما بـ شيئاً، كأنه قال: لا أملك لكم شيئاً إلا بلاغاً، فهو استثناء متصل، وجملة { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي } الخ، معترضة بين المستثنى والمستثنى منه، أتى بها لتأكيد نفي الاستطاعة. قوله: (عطف على بلاغاً) أي كأنه قال: لا أملك لكم إلا التبليغ والرسالة، والمعنى: إلا أن أبلغ عن الله فأقول: وقال الله كذا، وأن أبلغ رسالاته، أي أحكامه التي أرسلني بها، من غير زيادة ولا نقصان. قوله: (في التوحيد) أخذ ذلك من قوله: { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } لأن الخلود قرينة كون المراد بالعاصي الكافر.
قوله: { إِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } العامة على كسر إن لوقوعها بعد فاء الجزاء، وقرئ شذوذاً بفتحها، على أنها ما في حيزها تأويل مصدر خبر محذوف، والتقدير فجزاؤه أن له نار جهنم. قوله: (في له) أي حال من الهاء المجرورة باللام. قوله: { فَسَيَعْلَمُونَ } جواب { إِذَا } والسين لمجرد التأكيد لا للاستقبال، لأن وقت رؤية العذاب، يحصل العلم المذكور، قوله: { مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً } { مَنْ } إما استفهامية مبتدأ، و{ أَضْعَفُ } خبره، أو موصولة، و{ أَضْعَفُ } خبر لمحذوف أي هو أضعف، والجملة صلة الموصول، و{ نَاصِراً } و{ عَدَداً } تمييزان محولان عن المبتدأ على حد: أنا أكثر منك مالاً. قوله: (أو أنا) الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا التوزيع تكلف لا داعي له، بل يصلح كل المعنيين لكل من القولين. قوله: (فقال بعضهم) هو النضر بن الحرث وقال هذا استهزاء به صلى الله عليه وسلم وإنكاراً للعذاب. قوله: { قَرِيبٌ } مبتدأ، و{ مَّا تُوعَدُونَ } فاعل سد مسد الخبر، و{ مَا } موصولة، وعائدها محذوف أو مصدرية. قوله: (من العذاب) بيان لما. قوله: (لا يعلمه إلا هو) صفة لأجلاً.