التفاسير

< >
عرض

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً
١
يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً
٢
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً
٣
وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً
٤
وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً
٥
-الجن

حاشية الصاوي

قوله: (أي أخبرت بالوحي) أي أخبرني جبريل، وظاهر الآية أن النبي لم يشعر بهم ولا باستماعهم، وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته، وبه قيل، والصحيح أنه رآهم وعلم بهم، ويجاب عن الآية، بأن مصب الإيحاء قصة الجن مع قومهم، حين رجعوا إليهم بعد استماعهم القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: { أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ } أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر نائب فاعل { أُوحِيَ }، والتقدير أوحي إلي استماع.
قوله: { نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ } النفر الجماعة ما بين الثلاثة إلى العشرة، واختلف في عددهم، فقيل كانوا تسعة، وقيل سبعة، قوله: (جن نصيبين) قرية باليمن بالصرف على الأصل وعدمه للعلمية والعجمة. قوله: (في صلاة الصبح) وذلك أنه سار النبي صلى الله عليه وسلم في جملة من أصحابه قاصدين سوق عكاظ، وهو سوق معروف بقرب مكة، كانت العرب تقصده في كل سنة، مرة في الجاهلية، وأول الإسلام، وكان في ذلك الوقت، قد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، فقال بعضهم لبعض: ما ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها لتنظروا، ما الذي حال بيننا وبين السماء، حتى منعنا بالشهب، فانطلق جماعة منهم. فمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو يصلي الصبح يقرأ فيها سورة الرحمن، وقيل:
{ { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } [العلق: 1] وكان ببطن نخل قاصدين سوق عكاظ. فلما سمعوا القرآن قالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً } الخ. قوله: (بين مكة والطائف) بينه وبين مكة مسيرة ليلة. قوله: (في فصاحته) في بمعنى من، فهو يدل مما قبله، أو هي سببية. قوله: (وغزارة معانيه) أي كثرتها. قوله: (وغير ذلك) كالأخبار بالمغيبات.
قوله: { وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } هذا يدل على أنهم كانوا مشركين، وروي أنهم كانوا يهوداً، وقيل: إن منهم يهوداً ونصارى ومجوساً ومشركين. قوله: (وفي الموضعين بعده) أي وهما وأنه كان يقول أنه كان رجال، واسم كان ضمير الشأن، والجملة بعدها خبرها، وهي واسمها وخبرها خبر أن. قوله: { جَدُّ رَبِّنَا } الجد يطلق على معان، منها العظمة وهي المراد هنا، ومنها الغني والحظ، ومنه: ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ومنها أبو الأب، وأما الجد بالكسر فهو السرعة في الشيء ضد التأني. قوله: { مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } هذه الجملة مفسرة لما قبلها.
قوله: { وَأَنَّا ظَنَنَّآ } الخ، اعتذار من هؤلاء النفر، عما صدر منهم قبل الإيمان من الشرك، وإيضاحه أنهم يقولون: إنا ظننا واعتقدنا أن أحداً لا يكذب على الله، وأن ما قاله سفهاؤنا من نسبة الصاحبة والولد إليه حق وصدق، فلما سمعنا القرآن أسلمنا وعلمنا أنه كذب. قوله: (مخففة) أي واسمها ضمير الشأن مضمر، والجملة المنفية خبرها., قوله: { كَذِباً } نعت مصدر محذوف، أي قولاً كذباً. قوله: (بوصفه بذلك) أي بالصحابة والولد. قوله: (حتى تبينا كذبهم) أي ظهر لنا. قوله: (قال تعالى) أشار بذلك إلى أن هذه المقالة والتي بعدها كلامه تعالى؛ مذكورتان في خلال كلام الجن المحكي عنهم، وهو احد قولين، وقيل: إنهما أيضاً من كلام الجن.