التفاسير

< >
عرض

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً
٢٣
فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً
٢٤
وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
٢٥
وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً
٢٦
-الإنسان

حاشية الصاوي

قوله: (تأكيد لاسم إن) أي ويصح أن يعرب مبتدأ، { نَزَّلْنَا } خبره، والجملة خبر إن. قوله: (خبر إن) أي سواء جعلنا { نَحْنُ } تأكيداً أو فصلاً. قوله: (أي فصلناه) الخ، أي لحكمة بالغة، وهي كما في الفرقان { لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } [الفرقان: 32] { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } [الفرقان: 33] والمقصود من ذلك تسليته صلى الله عليه وسلم وشرح صدره، وأن ما أنزل عليه ليس بشعر ولا كهانة.
قوله: { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } مشى المفسر على أن المراد بالحكم التكليف بتبليغ الرسالة، وعليه فالآية محكمة، وقيل: إن المراد بالحكم القضاء. والمعنى: اصبر على أذى المشركين الذي حتمه الله في الأزل، فلا مفر لك منه حتى يفرج الله عنك، وعليه فالآية منسوخة. قوله: (أي عتبة بن ربيعة) الخ، أشار بذلك إلى أن المراد بالآثم عتبة، لأنه كان متعاطياً لأنواع الفسوق متظاهراً بها، وأن المراد بالكفور الوليد، فإنه كان متظاهراً بالكفر داعياً إليه، وبهذا ظهر التخصيص لكل، وإن كان كل منهما آثماً وكفوراً. قوله: (قالا للنبي ارجع) الخ، حاصله أنهما قالا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صنعت ما صنعت لأجل النساء والمال، فارجع عن هذا الأمر، فقال عتبة: أنا أزوجك ابنتي وأسوقها إليك من غير مهر، وقال الوليد: أنا أعطيك من المال حتى ترضى وارجع عن هذا الأمر، فنزلت الآية. قوله: (أي تطع أحدهما) الخ، أي والنهي عن طاعتهما معاً معلوم بالأولى، فأو أبلغ من الواو، لأنها لنفي الأحد الدائر. قوله: (في الصلاة) أشار بذلك إلى أن المراد بالذكر الصلاة، والمعنى: دم على الصلاة. قوله: (والظهر والعصر) إطلاق الأصيل على العصر ظاهر، وعلى الظهر باعتبار آخر وقتها، وإلا فالزوال وما يقرب منه لا يسمى أصيلاً.
قوله: { وَمِنَ ٱللَّيْلِ } { وَمِنَ } تبعيضية. والمعنى: صلّ له بعض الليل، وقوله: { فَٱسْجُدْ لَهُ } الفاء دالة على شرط مقدر تقديره: مهما يكن من شيء فصلّ من الليل الخ، وفيه زيادة حث على صلاة الليل.