التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ
١
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ
٢
ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ
٣
إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ
٤
-الطارق

حاشية الصاوي

قوله: { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } الخ، قد كثر منه تعالى في كتابه المجيد ذكر السماء والشمس والقمر والنجوم، لأن أحوالها في أشكالها وسيرها ومطالعها ومغاربها عجيبة، دالة على انفراد صانعها بالكمالات، لأن الصنعة تدل على الصانع، قال بعضهم:

تلك آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار

قوله: (أصله كل آت) الخ، أي ثم توسع فيه، فسمي به كل ما ظهر بالليل كائناً ما كان، ثم توسع به فسمي به كل ما ظهر مطلقاً ليلاً، أو نهاراً ومنه حديث: "أعوذ بك من شر طارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن" . والطارق مأخوذ من الطرق وهو الدق، سمي به الآتي ليلاً، لاحتياجه إلى طرق الباب غالباً، منه المطرقة بالكسر وهي ما يطرق به الحديد. قوله: { وَمَآ أَدْرَاكَ } الاستفهام للإنكار وقوله: { مَا ٱلطَّارِقُ } الاستفهام للتعظيم والتفخيم. قوله: { ٱلنَّجْمُ } خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله: (هو) واعلم أنه تعالى أقسم أولاً بما يشترك به النجم وغيره وهو الطارق، ثم أتى بالاستفهام عنه تفخيماً وتعظيماً ثم فسره بالنجم، إزالة لذلك الإبهام الحاصل بالاستفهام. قوله: (الثريا أو كل نجم) هذان قولان من ثلاثة، ثالثها: أن المراد به زحل، ومحله في السماء السابعة، لا يسكنها غيره من النجوم، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها، ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة، فهو طارق حين ينزل وحين يصعد. قوله: (وجواب القسم) الخ، أي وما بينهما اعتراض، جيء به تفخيماً للمقسم به. قوله: (فهي مزيدة) أي و{ كُلُّ } مبتدأ، و{ عَلَيْهَا } خبر مقدم، و{ حَافِظٌ } مبتدأ مؤخر، والجملة خبر { كُلُّ }. قوله: (واسمها محذوف) فيه نظر بل هي مهملة لا عمل لها، لأن لام الفرق يؤتى بها عند الإهمال لا عند الإعمال، كما قال ابن مالك:

وخففت إن فقلّ العمل وتلزم اللام إذا ما تمهل

قوله: (واللام فارقة) أي بين المخففة والنافية. وقوله: (وبتشديدها) أي وهما قراءتان سبعيتان. قوله: (والحافظ من الملائكة) الخ، يحتمل أن يراد الحفظ من العاهات والآفات، وهو عشرة بالليل وعشرة بالنهار لكل آدمي، فإن كان مؤمناً، وكل الله به مائة وستين ملكاً، يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب، ولو كان العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين، أو حفظ الأعمال، وهما رقيب وعتيد، وعليه درج المفسر، وقيل: المراد بالحفظ الله تعالى، فتحصل أن الحافظ قيل الكاتب أو مطلق الملائكة الحفظة أو الله تعالى، والأحسن أن يراد ما هو أعم.