التفاسير

< >
عرض

فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ
٥
خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ
٦
يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ
٧
إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ
٨
-الطارق

حاشية الصاوي

قوله: { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ } الخ، لما ذكر تعالى أن كل نفس عليها حافظ، أتبع ذلك توصية الإنسان بالنظر في أول نشأته، والأمر للإيجاب. قوله: { مِمَّ خُلِقَ } الجار والمجرور متعلق بخلق، والجملة في محل نصب بقوله: { فَلْيَنظُرِ } المعلق عنها بالاستفهام. قوله: (ذي اندفاق) أي انصباب، وأشار بذلك إلى أن { دَافِقٍ } صيغة نسب كلابن وتامر، فالمعنى خلق من ماء مندفق ومدفوق. قوله: (في رحمها) متعلق بدافق. قوله: { مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ } أي وهو عظام الظهر و{ بَيْنِ } زائدة، لأن { بَيْنِ } إنما تضاف لمتعدد، وهنا ليس كذلك إلا أن يقال: المراد من بين أجزاء الصلب الخ. قوله: { وَٱلتَّرَآئِبِ } (للمرأة) وقال الحسن: المعنى يخرج من صلب الرجل وترائب الرجل، وصلب المرأة وترائب المرأة. قوله: (وهي عظام الصدر) أي وهي محل القلادة، وهذا أحد أقوال، وقيل: الترائب ما بين ثدييها، وقيل: الترائب التراقي، وقيل: الترائب أربعة أضلاع من يمنة الصدور وأربعة أضلاع من يسرة الصدر، وقال القرطبي: إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ثم يتجمع في الأنثيين، ولا يعارضه قوله تعالى: { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } لأنه ينزل من الدماغ إلى الصلب، ثم يجتمع في الأنثيين.
قوله: { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } نتيجة النظر المذكور، لأن الأمر بالنظر إنما هو لأجل التفكر في الميعاد والبعث. قوله: (بعث الإنسان) الخ، هذا هو الصحيح اللائق بمعنى الآية بدليل ما بعده، وفي الآية تفاسير أخر منها: أن الضمير يعود على الإنسان، والمعنى: أن على رجع الإنسان لحالة النطفية لقادر بأن يرده من الشيخوخة للشبوبة، ومنها للصبا ومنه إلى كونه حملاً إلى مضغة إلى علقة إلى نطفة، ومنها: أن الضمير عائد على الماء الدافق، والمعنى: أنه على رجع الماء للصلب والترائب بعد انفصاله للرحم وصيرورته ولداً لقادر.