التفاسير

< >
عرض

أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠٩
لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١١٠
-التوبة

حاشية الصاوي

قوله: { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ } إلخ، في الكلام استعارة مكنية، حيث شبهت التقوى والرضوان بأرض صلبة، يعتمد عليه البنيان، وطوى ذكر المشبه به، ورمز له بشيء من لوازمه وهو التأسيس، فإثباته تخييل، والتأسيس كناية عن أحكام أمور الدين والأعمال الصالحة.
قوله: { أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ } أي أحكم أمور دينه على ضلال وكفر ونفاق. قوله: (بضم الراء وسكونها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (جانب) الأحسن ما قاله غيره، أن المراد به البئر التي لم تطو. قوله: { هَارٍ } إما أصله هاور، أو هائر، فقدمت اللام على العين فصار كقاض، فإعرابه بحركات مقدرة، أو حذفت عينه تخفيفاً بعد قلبها ألفاً مثل باب، وإعرابه بحركات ظاهرة كالذين قبله. قوله: { فِي نَارِ جَهَنَّمَ } وورد أنهم رأوا الدخان حين حفروا أساسه. قوله: (خبر) قدره إشارة إلى أن خبر من الثانية محذوف. قوله: { رِيبَةً } أي سبب ريبة، أو بولغ فيه حتى جعل نفس الريبة.
قوله: { إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ } مستثنى من محذوف، والتقدير لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم، في كل وقت أو كل حال، إلا وقت أو حال تقطيع قلوبهم، وفيها قراءتان سبعيتان: الأولى بفتح التاء وتشديد الطاء بحذف إحدى التاءين، وقلوبهم فاعل. الثانية بضم التاء، وقلوبهم نائب فاعل، وقرىء شذوذاً تقطع بالتخفيف، وقرىْ أيضاً إلا أن تقطع بضم التاء وكسر الطاء المشددة، وقلوبهم مفعول به، والفاعل ضمير يعود على النبي. قوله: { حَكِيمٌ } (في صنعه) أي يضع الأشياء في محلها، منه جريان عادة الله في كل حسود لأهل الدين والصلاح، أنه لا يزال الكمد به حتى يموت على أسوأ الأحوال.