التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ
١٥
نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ
١٦
فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ
١٧
سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ
١٨
كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب
١٩
-العلق

حاشية الصاوي

قوله: { لَنَسْفَعاً } يحتمل أن النون للمتكلم المعظم نفسه وهو الله تعالى، أو الله وملائكته، والسفع: القبض على الشيء بشدة، والنون في { نَسْفَعاً } للتوكيد الخفيفة، فيوقف عليها بالألف تشبيهاً لها بالتنوين، وتكتب الفاء اتباعاً للوقف، وقرئ شذوذاً لنسفعن بالنون الثقيلة.
قوله: { بِٱلنَّاصِيَةِ } وهي في الأصل مقدم الرأس أو شعر المقدم، أطلق وأريد هنا الشخص بتمامه قوله: (إلى النار) وقيل في الدنيا يوم بدر لما ورد أنه جاءه عبد الله بن مسعود، فوجده طريحاً بين الجرحى وبه رمق، فخاف أن يكون به قوة فيؤذيه، فوضع الرمح على منخريه من بعيد فطعنه، ثم لم يقدر ابن مسعود على الرقي على صدره لضعفه وقصره، فارتقى إليه بحيلة، فلما رآه أبو جهل قال: يا رويعي الغنم، لقد رقيت مرقى عالياً فقال ابن مسعود: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، ثم قال لابن مسعود: اقطع رأسي بسيفي هذا، لأنه أحد وأقطع، فلما قطع رأسه به لم يقدر على حمله، فشق أذنه وجعل فيه خيطاً وجره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل بين يديه يضحك.
قوله: { كَاذِبَةٍ } أي في قولها، وقوله: { خَاطِئَةٍ } أي في فعلها، والخطأ ضد الصواب في الدين وغيره، والمراد هنا ارتكاب خلاف الصواب عن قصد، لقول بعضهم: الخاطئ المرتكب خلاف الصواب لا عن عمد. قوله: (أي أهل ناديه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، لأن النادي هو المجلس الذي يتحدث فيه القوم، والمجلس لا يدعى، فاحتيج لتقدير مضاف، والمعنى: فليدع عشريته ليستنصر بهم. قوله: (لما انتهره) أي انتهر النبي صلى الله عليه وسلم أبا جهل، وقوله: (حيث نهاه) أي نهى أبو جهل النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (لقد علمت ما بها) أي بمكة. قوله: (خيلاً جرداً) أي قصيرة الشعر، وقوله: (مرداً) أي شباباً.
قوله: { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } واحدها زبنية، بكسر أوله وسكون ثانية وكسر ثالثة، من الزبن وهو الدفع. قوله: (الغلاظ الشداد) أي وهم خزنة جهنم، أرجلهم في الأرض ورؤوسهم في السماء، سمو زبانية لأنهم يزبنون الكفار، أي يدفعونهم في جهنم. قوله: { صَلَّىٰ } أي دم على الصلاة، وعبر عنها بالسجود لأنه أفضل أركانها، لما في الحديث:
"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" .
قوله: { وَٱقْتَرِب } (منه) أي من الله، وما مشى عليه المفسر، من أن المراد بالسجود الصلاة، هو المشهور عند جمهور الأئمة، وقال الشافعي: المراد بالسجود سجود التلاوة، لما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه قال: "سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } وفي { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } سجدتين" ، فيسن السجود عند الشافعي في هذين الموضعين، ومعنى اقترب. تقرب إلى ربك بطاعته وبالدعاء قال صلى الله عليه وسلم: "أما الركوع فعظموا فيها الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فيه فقمن - أي حقيق - أن يستجاب لكم" وكان صلى الله عليه وسلم يكثر من سجوده البكاء والتضرع.