وسئل عن قوله: { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ }[25] فقال: ليس في الجنة شيء من فرش ولا آنية ولا لباس ولا طيب ولا طير، ولا شيء من النبات، ولا شيء من الفواكه كلها، فما في الدنيا يشبه ذلك إلاَّ اتفاق الأسماء فقط، وذلك أن رمان الجنة لا يشبه رمان الدنيا قط إلاَّ باتفاق الأسماء فقط، وكذلك التمر والعناب وأشباه ذلك، وإنما أراد بقوله: "متشابهاً" أي في اللون، مختلفاً في الطعم، وذلك أن الملائكة تأتي الأولياء في الجنة بالتفاح في الغداء، ثم يأتون به في العشاء، فيقول الأولياء: هذا ذلك. فيقال لهم: ذوقوه. فإذا ذاقوه أصابوا له غير طعم الأول، فلا يجوز أن تدفع قدرة الله تعالى أن يؤدي طعم التفاح طعم الرمان واللوز والسفرجل قال سهل: وإني لأعرف رجلاً من الأولياء رأى في الدنيا رمانة كبيرة كأكبر ما كان بين يدي رجل على شاطئ البحر، فقال له الولي: ما هذا بين يديك؟ فقال: رمانة رأيتها في الجنة فاشتهيتها، فأتاني الله بها، فلما وضعتها بين يدي ندمت على استعجالي ذلك في الدنيا. قال له ذلك الرجل: أفآكل منها؟ قال له الرجل: إن قدرت أن تأكل منها فكل، فضرب بيده إليها فأكل أكثرها، فلما رآه يأكل منها أعظمه ذلك، فقال: أبشر بالجنة، فإني لم أعرف منزلتك قبل أكلك منها، وذلك أنه لا يأكل من طعام الجنة في الدنيا إلاَّ من هو من أهل الجنة. قال أبو بكر: فقلت لسهل: هل أخبرك الآكل من تلك الرمانة ما كان طعمها؟ قال: نعم، فيها طعم يجمع طعوم الفواكه، ويزيد على ذلك في طعمه لين وبرد ليس هو في شيء من طعوم الدنيا. قال أبو بكر: فلم أشك ولا مَنْ سمع هذه الحكاية من سهل إلاَّ أنه هو صاحب الرمانة والآكل منها.