التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
١٥٥
-آل عمران

تفسير القرآن

قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ }[155] فسئل ما هذا الكسب؟ فقال: هو الإعجاب الذي كان منهم بكثرة عددهم يوم حنين، وأخذهم العزة يوم بدر، وكان لشرك الشيطان إياهم بعد مساكنة قلوبهم ورؤيتهم نفوسهم بما سولت لهم أنفسهم من الإعجاب، فترك الله عصمتهم جزاءً لهم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع من أصحابه يوم حنين يقولون لن نؤتى من قلة: "لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية" من تدبيركم إلى نفوسكم بحال، دون الافتقار إلى الله عزَّ وجلَّ، ألا ترى أن داود عليه السلام لما سأل ربه اللحوق بإبراهيم وإسماعيل وإسحاق فقال له: لست هناك يا داود. فقال: ولِمَ يا رب؟ فقال: لأن أولئك ابتليتهم فصبروا ولم يعرفوا الدنيا ولا عرفتهم وإنك عرفت الدنيا وعرفتك واتخذتها أهلاً. فقال داود عليه السلام: فأرني من عبادك من لو ابتليته صبر. فقال الله عزَّ وجلَّ: فإني مبتليك. فكان هو المبتدي في طلب البلاء للامتحان من الله تعالى، يعني وذلك لعلم الله السابق في غيب مستور تفرد بمعرفته، فأتاه إبليس في صورة حمامة، وكان من قصته وقصة أوريا ابن حنان ما كان، والله تعالى لم يعصمه من الهم والقصد والفعل، وعصم يوسف من الفعل ولم يعصمه من الهم والقصد.