التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
١٢
-الحجرات

تفسير القرآن

قوله: { ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ }[12] قال: أي لا تطعنوا على أحد بسوء الظن من غير حقيقة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكذب الحديث الظن" . ثم قال سهل: الظن السيئ من الجهل من نفس الطبع، وأجهل الناس من قطع على قلبه من غير علم، فقد قال الله تعالى: { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ } [فصلت:23] وإن العبد ليحرم الرزق الهني وصلاته بالليل بسوء الظن. وقد كان رجل من العباد نام ليلة عن ورده، فجزع عليه، فقيل: أتجزع على ما تدركه؟ قال: لست أجزع عليه، وإنما أجزع على الذنب الذي به صرت محروماً عن ذلك الخير. فقيل لسهل: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "احترسوا من الناس بسوء الظن" ، فقال: معنى هذا بسوء الظن بنفسك لا بالناس، أي اتهم نفسك بأنك لا تنصفهم من نفسك في معاملاتهم.
قوله تعالى: { وَلاَ تَجَسَّسُواْ }[12] قال: أي لا تبحث عن المعائب التي سترها الله على عباده، فإنك ربما تبتلى بذلك. وقد حكي عن عيسى عليه السلام أنه كان يقول: لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله عزَّ وجلَّ، فتقسوا قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا إلى أعمالكم كالعبيد، واعلموا أن الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء وسلوا الله العافية.
قوله: { وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً }[12] قال: من أراد أن يسلم من الغيبة فليسد على نفسه باب الظنون، فإن من سلم من الظن سلم من الغيبة، ومن سلم من الغيبة سلم من الزور، ومن سلم من الزور سلم من البهتان. قال: وقال ابن عباس رضي الله عنهما: للمنافق غيبة، وليس للفاسق غيبة، لأن المنافق كتم نفاقه، والفاسق افتخر بفسقه. قال: وهذا إنَّما أراد به فيما أظهره من المعاصي، فأما ما كتمه من المعاصي ففيه غيبة.