التفاسير

< >
عرض

قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
٨٨
-هود

حقائق التفسير

قوله تعالى: { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } [الآية: 88].
قال أبو عثمان: ليس بواعظ من كان واعظًا بلسانه دون عمله، وليس بحكيم من لم تكن أفعاله أفعال الحكماء، وإنما الحكيم من يكون حكيمًا فى نطقه، حكيمًا فى فعله، حكيمًا فى جميع أحواله، وإلا فإنه يقال: ناطق بالحكمة.
وقيل: إن الله عز وجل أوحى إلى عيسى صلى الله عليه وسلم يا عيسى عظ نفسك، فإن اتعظت، وإلا فاستحى منى.
قوله تعالى: { إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ } [الآية: 88].
قيل فيه: مرادى صلاحكم إن ساعدكم التوفيق، ولا أستطيع أنا ذلك لكم إلا بمعونة من الله لى عليه.
قوله تعالى: { وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ } [الآية: 88].
قال النهرجورىّ: التوفيق حسن عناية سيق إلى العبد ليس فيه سبب ولا منة إليه طلب.
قال بعضهم: التوفيق هو الدليل الذى يدل على سبيل الحق، ويبعد عن نهج الباطل، وسلوكه، وهو أن يوصل إلى العبد ما جرى له فيه من العناية فى الأزل.
قوله تعالى: { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [الآية: 88].
قال الجنيد رحمة الله عليه: التوكل أن لا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب مع شدة الفاقة، ولا نزول عن حقيقة الشكور إلى الحق. مع وقوفك عليها.
قال بعضهم: التوكل: ترك رؤية التوكل وإسقاط رؤية الوسائط، والتعلق بأعلى الوثائق.
قال إبراهيم بن أدهمرحمه الله : التوكل: أن تستوى عندك أفخاذ السباع، والمتكأ على الجشايا.
قال ابن عطاء فى قوله: { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }: قال إليه أرجع عن جميع ما لى وعلىَّ، وأن لا أعتمد سواه.
قال بعضهم: الإنابة: هى الرجوع عن جميع ما له، ثم إذا صح له هذا يكون مرجعه منه إليه، فبقى مستهلكًا فى مشاهدة المرجوع، فلا يكون له رجوع ولا ثبوت.