التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ
١٢٦
-النحل

حقائق التفسير

قال الجنيد: فى قوله: { وَلَئِن صَبَرْتُمْ } فلم تعاقبوا لهو خير للصابرين التاركين العقوبة الذى أباح العلم فعلها بالأدب الذى يتبعه بالأمر ويلزمه بالترغيب إنه خير للصابرين.
قال أبو سعيد الخراز: أخبر عن موضع الإباحة بالقصاص ونهى عن إمكان النفس من شهوتها وبلوغ مناها، وعرف أن الفضل فى احتمال مُؤن الصبر.
يقول عز وجل: { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }.
قال النبى صلى الله عليه وسلم: إلى موضع الفضل ففرض عليه ذلك.
وقيل له: إن الفضل على الخلق تطوع وعليك فرض واصبر، ثم أعلمه أن ذلك لا يتم إلا بخلوة وتشبيه بالحق بقوله: { وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } [الآية: 127].
قال الواسطى: فى هذه الآية أخبره بأنه هو الذى تولاهم فحجبهم عن المعاينة فى الحضرة وهم ثلاث طوائف عند اللقاء، طائفة ترمدت بقيومة دواميته وأزليته، فلم تجدّ عند اللقاء عليها آفة الاتصال أنوار السرمدية بأنوار الأبدية، وطائفة لقيتة فى زينته وحين نظره واختياره فضمرهم فى نعمته وحجبهم بكرامته فهى متلذذة بنعمة محجوبة عن حقيقته، وطائفة لقيته بشواهد طاعاتها وزهدها، فقال لهم مرحبًا بمقدمكم فحجبها فى نفس ما خاطبهم.
وقال ابن عطاء: بأمره وببره.
وقال جعفر: أمر الله أنبياءه بالصبر وجعل الحظ الأعلى منه للنبى صلى الله عليه وسلم.
قال سهل: واصبر واعلم أنه لا معين على الصبر إلا الله. حيث جعل صبره بالله لا بنفسه، فقال وما صبرك إلا بالله.
قال الجنيد: عظم المنة عليه لما أدبه بالقيام على شروط الاستقامة بقوله: واصبر: ومن لم يكن صبره مباشرًا لبلاء، فى حين وروده بما تقدم من التوطئة على العزم على الصبر عند أول صدمة ترد منه لم يؤمن أن يأخذ الجزع من صبره بعد أوان تفضى صبره.
قال الثورى: فى هذه الآية هو الصبر على الله بالله.
قال أبو القاسم: الحكيم أصبر عباده، وما صبرك إلا بالله عبودية فمن ترقى من درجة لك وصل إلى درجة بك، فقد انتقل من درجة العبادة إلى درجة العبودية.
قال النبى صلى الله عليه وسلم:
"بك أحيا، وبك أموت" .
قال الواسطى: فى هذه الآية قال لما أظهر الله تعالى البلاء أشهده لذة مباشرته، بل لا يكون لأحد وقت إلا والله تعالى يوجده لذة المباشرة { { وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } [العنكبوت: 43].