التفاسير

< >
عرض

وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً
١٤
-الكهف

حقائق التفسير

قوله تعالى: { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [الآية: 14].
قال ابن عطاء: وسمنا أسرارهم بسمة الحق، فقاموا بالحق للحق فقالوا: { رَبُّنَا } إظهار إرادة ودعوة ثم قال: { رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } رجوعًا من صفاتهم بالكلية إلى صفاته وحقيقة علمه { لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً } لن نعتمد سواه فى شىء، لو قلنا غير ذلك كان شططًا يعنى بعيدًا من طريق الحق.
وقال ابن عطاء: ربطنا على قلوبهم حتى صدقوا العهد والميثاق وأخلينا أسرارهم عمَّا دوننا.
وقال جعفر: إذ قاموا، أى: قاموا وأخلصوا فى دعائنا.
وقال ابن عطاء: قاموا عَمَّا كان أفقدهم من الاشتغال بالأكوان فقالوا: { رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } لم ينظروا إلى شىء دوننا ولم يسكنوا إليه.
وقال جعفر: قاموا إلى الحق بالحق قيام أدب ونادوه نداء صدق وأظهروا له صحة الفقر، ولجؤوا إليه أحسن لجإٍ وقالوا: ربُّنا رب السماوات والأرض: افتخارًا به وتعظيمًا له، فكافأهم على قيامهم الإجابة على ندائهم بأحسن جواب وألطف خطاب، وأظهر عليهم من الآيات ما يعجب منه الرُّسل حين قال: { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً } [الآية: 18].
وسمعت بعض مشايخنا يستدل بهذه الآية فى حركة الواجدين فى وقت السماع والذكر. إن القلوب إذا كانت مربوطة بالملكوت ومحل القدس حركتها أنوار الأذكار وما يرد عليها من فنون السماع والأصل قوله تعالى: { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ }.