التفاسير

< >
عرض

إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً
٨٤
-الكهف

حقائق التفسير

قوله تعالى ذكره: { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ } [الآية: 84].
قال ابن عطاء: جعلنا الدنيا طوع يده، فإذا أراد طويت له الأرض، وإذا أحب انقلبت له الأعيان، وإذا شاء مشى على الماء وإذا هوى طار فى الهواء وكذا من أخلص لنا مكناه من مملكتنا يتقلب فيها حيث يشاء ممَن كان للملك كان الملك له.
قوله تعالى ذكره: { وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } [الآية: 84].
قال جعفر: إن الله عز وجل جعل لكل شئ سببًا، وجعل الأسباب معانى الوجود فمن شهد السبب انقطع عن المسبب، ومن شهد صنع المسبب امتلأ قلبه من دنيا الأسباب وإذا امتلأ قلبه من الريبة حال بينه وبين الملاحظة وحجبه عن المشاهدة.
قوله تعالى: { فَأَرَدتُّ }، { فَأَرَدْنَآ }، { فَأَرَادَ رَبُّكَ }.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم يقول: قال ابن عطاء: لما قال الخضر: فأردت أوصى إليه فى السر من أنت حتى تكون لك إرادة فقال فى الثانية: فأردنا فأوصى إليه فى السر من أنت ومن موسى حتى يكون لكما إرادة فرجع وقال: { فَأَرَادَ رَبُّكَ }.
وسمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم يقول: قال ابن عطاء: أما قوله: { فَأَرَدتُّ } قال: شفقة على الخلق، وقوله: { فَأَرَدْنَآ } رحمة، وقوله: { فَأَرَادَ رَبُّكَ } رجوعًا إلى الحقيقة.
وقال الحسين: فى قوله: "أردت وأردنا وأراد ربك".
المقام الأول: استيلاء الحق، والمقام الثانى: مكالمة مع العبد والمقام الثالث: رجوع إلى باطن الغلبة فى الظاهر فصار به باطن الباطن ظاهر الظاهر من غيب الغيب، وعيان العيان غيب الغيب، كما أن القرب من الشىء بالنفوس هو العبد والقرب منها بها وهو القرب.