التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ
١١
إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى
١٢
-طه

حقائق التفسير

قوله تعالى: { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ * إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ } [الآية: 11-12].
قال جعفر: قيل لموسى عليه السلام: كيف عرفت أن النداء هو نداء الحق؟ فقال: لأنه أقيانى وشملنى فكأن كل شعرة منى كانت مخاطبة بالنداء من جميع الجهات وكأنها تعبر من نفسها بجواب فلما شملتنى أنوار الهيبة وأحاطت بى أنوار العزة والجبروت علمت أنى مخاطب من جهة الحق، فلما كان أول الخطاب إنى تم بعده. أنا علمت أنه ليس لأحد أن يخبر عن نفسه باللفظتين جميعًا متتابعًا إلا الحق فأدهشت وهو كان محل الفناء فقلت: أنت الذى لم تزل، ولا تزال ليس لموسى معك مقام ولا له جرأة الكلام إلا أن تبقيه ببقائك، وتنعيه بنعوتك. فتكون أنت المخاطب، والمخاطب جميعًا.
فقال: لا يحمل خطابى غيرى، ولا يجيبنى سواى أنا المكلم وأنا المكلم وأنت فى الوسط شبح يقع بك محل الخطاب.
قوله تعالى: { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } [الآية: 12].
قال أبو سفيان: اخلع نعليك ليصيب قدمك بركة الوادى والوادى بركة قدمك.
وقال الشبلى: اخلع الكل منك تصل إلينا بالكل، فتكون ولا تكون، فتحقق فى عين الجمع بكون أخبارك عنا، وفعلك فعلنا.
قال ابن عطاء: اخلع نعليك أعرض بقلبك عن الكون فلا تنظر إليه بعد هذا الخطاب.
وقال أيضًا: النعل النفس، والواد المقدس دين المرجان وقت خلوك من نفسك، والقيام معنا بدينك، وقيل اخلع نعليك فإنك بعين موجودك وقال جعفر: اقطع عنك العلائق فإنك بأعيننا.
وقال ابن عطاء: اخلع نعليك أى: أسقط عنك محل الفصل والوصل فقد حصلت فى الواد المقدس وهو الذى يطهرك عن الأحوال أجمع ويبردك إلى محولها عليك.
قيل فى قوله: واد المقدس طوى. أى: أطوى عنك بساط المخالفات فقد حصلت فى هذا الوادى ومطية طوى عن قلبه ما لا يكون مقدسًا.
وقال ابن عطاء: فى قوله: { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ } أى: انزع عنك قوة الاتصال والانفصال إنك بالواد المقدس أى: بواد الانفراد معى ليس معك أحد سواى.