التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ
١٠١
-الأنبياء

حقائق التفسير

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } [الآية: 101].
قال الحسين بن الفضل: سبقت العناية، فظهرت الولاية.
وقال ابن عطاء: سبق منه الاختيار، فظهر منهم إلى رضاء البدار.
وقال الجنيد رحمة الله عليه: من سبق إليه من الحق إحسان، فإنه لا يزال يتقلب فى ميادين المحسنين إلى أن يبلغ إلى أعلى مراتب أهل الإحسان بقوله
{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26].
قال بعضهم: سبقت العناية لأهل الهداية فبلغوا بها إلى شرف الولاية.
قال بعضهم: سبق الامتنان لأهل الفضل والإحسان فاستحقوا بها القرب والوصول.
قال بعضهم: إذا سبقت للعبد من الله السعادة فغفلته كلها أذكار، وإذا سبقت للعبد من الله الشقاوة فإذا كان كلها غفلة، وأنشد:

من لم يكن للوصال أهلاً فكل إحسانـه ذنـــوب

قال الواسطى رحمة الله عليه: أولئك قوم هداهم الله فهذَّبهم بذاته، وقد سهم بصفاته، فسقطت عنهم الشواهد والأغراض، ومطالعات الأعواض، فلا لهم إشارة فى شواهدهم، ولا عبارة عن أماكنهم، وحجبهم عن الاستقرار فى المواطن. فلا هُم، هُم بأنفسهم ولا هم حاضرين فى حضورهم بحضورهم.
قال النهرجورى فى هذه الآية: قال الله: { سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } ولم يقل "سبقت لهم منهم الحسنى، فما سبق من إحسانه إليهم سابقه حلم بالسعادة لهم فتح أبصارهم النظر إلى الأكوان معتبرين، وفتح أسماعهم بسماع خطابه، وأجرى ألسنتهم بذكره، وزين قلوبهم بمعرفته، وخاطبهم كما خاطب الأنبياء، وركب فيهم العقل للتمييز فهذا قوله: { سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ }.
وقيل في هذه الآية: الحسنى: العناية السابقة وهى خمسة أشياء: العناية، والاختيار، والهداية، والعطاء، والتوفيق. فبالعناية وقعت الكفاية، وبالاختيار وقعت الرعاية، وبالهداية وقعت الولاية، وبالعطاء وردت الخِلعة، وبالتوفيق وقعت الاستقامة. والحسنى هذه السوابق.
قال الواسطى رحمة الله عليه: نوَّر قلوبهم بالطمأنينة وسكنت نفوسهم إلى الرحمانية بإزالة وحشة رؤية الأفعال من سرائرهم.