التفاسير

< >
عرض

فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ
٧٩
-الأنبياء

حقائق التفسير

قوله تعالى: { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } [الآية: 79].
قال الجنيد رحمة الله عليه: أفهم سليمان مسألة من العلم فمنَّ الله عليه بذلك، وأعطاه الملك فلم يَمُن عليه وقال:
{ { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ص: 39] بل أراه حقارته في ثلاث مواضع حين سأل الملكَ واختاره عرفه قلّة ملكه، وخسته حين ألقى على كرسيه جسدًا، وحيث قال: { { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ } [ص: 36] أراه أن المُلك الذى أعطاه ريح لأنه لا يدوم والملكُ هو الذى يدوم، وحين قال له آصف وهو الذى عنده علم من الكتاب { { أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } [النمل: 40] وحيث قال: { { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ } [ص: 39] أي أعط من شئت لحقارته وخسته.
قوله تعالى: { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الجِبَالَ يُسِّبحْنَ } [الآية: 79].
قال محمد بن على: جعل الله الجبال تسلية للمحزونين وأُنسًا للمكروبين، ألا تراه يقول: { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ }.
وقال بعضهم: الأنس الذي في الجبال هو أنها خالية عن صنع الخلائق فيها بحال، باقية على صنع الخالق لا أثر فيها لمخلوق فتوحش. والآثار التي فيها آثار صنع حقيقى من غير تبديل ولا تحويل.