التفاسير

< >
عرض

لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ
٢٨
-الحج

حقائق التفسير

قوله تعالى: { لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ } [الآية: 28].
قال ابن عطاء: ما وعدوا من أنفسهم لربهم وما وعده الله لهم من القربة والزلفة.
وقال جعفر: هو ما يشاهدونه فى ذلك المشهد من بر الحق بأن وفقهم لشهود ذلك المشهد العظيم، ثم منافعهم ما وعد عليه من الزيادات، والبركات، والإجابات، والله على كل شىء قدير.
- وقيل كان أبو سعيد النيسابورى يحج من نيسابور ويُحرم منها ويصلى عند كل ميل فى البادية ركعتين فقيل له فى ذلك فقال: إن الله جل جلاله يقول { لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ } وهذا منافعى فى حجتى.
قوله تعالى: { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ } [الآية: 28].
قال أبو عثمان رحمة الله عليه: أدبٌ أدَّبَ الله به عباده أن لا يطعموا الفقراء إلاَّ مما يأكلون، ولا يجعلوا لله ما يكرهون وهو أن يشاركهم فى مآكلهم ومشاربهم وملابسهم بقوله: { كُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ }.
قال ابن عطاء البائس: الذى تأنف من مجالسته مواكلته، والفقير من تعلم حاجته إلى طعامك وإن لم يسأل.
قال الواسطى رحمة الله عليه فى قوله:
{ { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } [المؤمنون: 30] قال: أن لا تلابس محرمًا ولا تخالف أمره ونهيه.
وقال أيضًا: من تعظيم حرمته أن لا يلاحظ شيئًا من كونه، ولا طوارق محنته، وأن لا تلاحظ خليلاً ولا كليمًا ولا حبيبًا ما دام يجد إلى ملاحظة الحق سبيلاً.
قال فارس: حرمات الله: صفاته. فمن تهاون بحرمات الأمر والنهى فقد تهاون بالذات، وهو نفس النفاق.
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: الحرمة على ثلاثة أوجه:
القطع عن المخالفة، ثم القطع عن الموافقة، ثم القطع عن لذة المشاهدة.
قال بعضهم فى قوله:
{ { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ } [المؤمنون: 30] قال: لا يعظم حرمات الله إلا من حرمه الله، ولا يعظم الله إلاَّ من عرفه، ومن عرفه خضع له، وخشع من خضوعه، وخشوعه المتولد من تعظيمه لربه تعظيم حرمات المؤمنين.
قال: مَنْ يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه، ومن جهل قدره أعجب بنفسه وعلمه، وتعظم وتكبّر فى نفسه، واحتقر رأيه عبر به، وذلك من جهله بنفسه. وجهله بنفسه تعظيم قدرته فى قدرته وإنعامه وتفضله.