التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ
٥٩
-النمل

حقائق التفسير

قوله تعالى: { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } [الآية: 59].
قال سهل: خلق الله تعالى السرَّ، وجعل حياته فى ذكره، وخلق الظاهر وجعل حياته فى حمده وشكره وجعل عليهما الحقوق وهى الطاعات.
وقال سهل فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } قال: هم أهل القرآن يلحقهم من الله السلام فى العاجل بقوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } وسلام فى الأجل وهو قوله:
{ { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [يس: 58].
قال الحسن: ما من نعمة إلا والحمد أفضل منها، والحمد النبى عليه السلام، والمحمود الله جل جلاله، والحامد العبد والحميد حاله الذى يوصل بالمزيد.
وقال ابن عطاءرحمه الله : فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ } قال: من سلم الله عليه فى الأزل سلم من المكاره فى الأبد.
وقال: قرأت هذه الآية بين يدى جعفر بن محمد فبكى ثم قال: سبحان من اصطفاهم لمعرفته، وسلام عليهم قبل المعرفة.
قال بعضهم فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } قال عند دخول الجنة بقول:
{ { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } [الرعد: 24].
وقال الواسطىرحمه الله : لم يجعل الحق وسيلة إلى نفسه غير نعته ولا اختصاصًا غير ذاته بقوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } فلم يجعل هاهنا اسم نعت، وجعل اسم حقيقة لأن الهاء تخبر عن حقيقة الذات لا غير.
وقال: السلام على خبرين: من جهة الرضوان، ودار السلام، والسلام سلَّمهم من شواهدهم، والسلام للأكابر سلمهم بشاهده عن أن يتعلقوا بشواهدهم، ويجعلوها سبب الوسائل إلى السلامة.
وقال بعضهم فى قوله: { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } ولم يقل "رب العالمين" قيل: ترك "رب العالمين" ها هنا طاعة، وربما يكون ترك الطاعة فى بعض الأوقات نفس الطاعة وقيل فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } الذين نوَّرهم بنور الايمان، وقدسهم بضياء التوفيق ودلَّهم منه عليه.
قال الواسطىرحمه الله : خص الحق الخلق بخصوصيته حيث أضافهم إلى نفسه بقوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } فجعل للاسم اسم حقيقة لا اسم نعت أبدًا لهم من فضله قبل أن أظهره عليهم.