التفاسير

< >
عرض

وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ
٨٨
-النمل

حقائق التفسير

قوله تعالى: { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } [الآية: 88].
قال سهل: إن الله تعالى نبَّه عباده على تقصى الأوقات عليهم، وغفلتهم فيه فجعل الجبال مثلاً للدنيا يظن الناظر أنها واقفة معه، وهى آخذة بحظها منه، ولا يبقى بعد الانقضاء إلا الحسرة على الفائت.
قال ابن عطاءرحمه الله : الإيمان ثابت فى قلب العبد كالجبال الرواسى، وأنواره تحرق الحجب الأعلى وقال إن قول لا إله إلا الله يسرى كالسحاب، حتى يقف بين يدى الله عز وجل فيقول الله تعالى: اسكن مديحتى فوجلالى ما أجريتك على لسان عبد من عبيدى فأعذبه بالنار.
قال جعفررحمه الله : ترى الأنفس جامدة عند خروج الروح والروح يسرى فى القدس لتأوى إلى مكانها من تحت العرش.
قال الصادقرحمه الله : نور قلب الموحدين، وانزعاج أنين المشتاقين يَمُرُّ من بين السحاب حتى يشاهدوا الحق فيسكنون.
قال عثمان: يرى الأنبياء والأولياء وقوفًا مع الحق على حد الرسوم كواحد منهم.
وبركاتهم تصبُّ عليهم صبًا كالسحاب تراها مارة وهى سبب حياة الخلق والبهائم.
قال الله تعالى:
{ { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } [الأنبياء: 30].
وقال ابن عطاء فى قوله: { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ }، لا يلتفت الى شىء سواه، ولا له قرار مع غيره.
سمعت الحسن بن يحيى يقول: سمعت جعفر الخلدى يقول: حضر الجنيدرحمه الله مجلس سماع مع أصحابه، وإخوانه فانبسطوا وتحركوا وبقى الجنيد على حاله لم يؤثر فقال له بعض أصحابه: لا تنبسط كما انبسط إخوانك فقال الجنيد: وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب.
قوله تعالى: { صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } [الآية: 88].
قال ابن عطاء: ربوبيته التى ترد الأشباح إلى قيمتها وتجعل الأسرار والقلوب إلى مستقرها وجعل لخلقه مقامًا إليه منتهاهم. فالسعيد من لزم حدَّه والشقى من علا طوره.