التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
٣٥
-الأحزاب

حقائق التفسير

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ... } [الآية: 35].
قال سهل: الإيمان أفضل من الإسلام والتقوى فى الإيمان أفضل من الإيمان واليقين فى التقوى أفضل من التقوى والصدق فى اليقين أفضل من اليقين وإنما تمسكتم بادئًا بالإسلام فإياكم أن ينفلت من أيديكم.
وقال: الإيمان بالله فى القلب راسخ واليقين بالتصديق ثابت. وقال: الإسلام حكم والإيمان أصل والإحسان ثواب.
وقال سهل: لا يشم رائحة الصدق من يداهن نفسه أو يداهن غيره وصدق العين ترك النظر إلى المحظورات وصدق اللسان ترك الكلام فيما لا يعنيه وصدق اليد ترك البطش فى الحرام وصدق الرجلين ترك المشى إلى الفواحش وحقيقة الصدق من القلب ودوام النظر فيما مضى وترك التدبير والاختيار فيما بقى.
وقال جعفر الصادق: من يصف لك خير الآخرة لا خير الدنيا ويدلك على حسن الأخلاق لا على سيئها ويعطيك قلبه لا جوارحه.
قال ابن عطاء: لم يبلغ أحد الى مقام الصدق بالصوم والصلاة ولا شىء من الاجتهاد ولكن وصل إلى مقام الصدق بأن طرح نفسه بين يديه وقال: أنت أنت ولا بد لنا منك.
وقال سهل: ليس من ادّعى الذكر فهو ذاكر فالذاكر على الحقيقة من يعلم أن الله مشاهدة فيراه بقلبه قريبًا منه فيستحى منه ثم يؤثره على نفسه وعلى كل شىء من جميع أحواله.
وسئل سهل: ما الذكر؟ قال الطاعة: قلت: وما الطاعة؟ قال: الإخلاص. قلت: وما الإخلاص؟ قال المشاهدة. قلت: وما المشاهدة. قال: العبودية. قلت: وما العبودية؟ قال: الرضا. قلت: وما الرضا؟ قال: الافتقار. قلت: وما الافتقار؟ قال التضرع والالتجاء سلم سلم الى الممات.
وقال بعضهم: الخشوع استحقار الكبر وجميع الصفات تحت هيبة الحق.
قال بعضهم: الصابر هو الحابس نفسه عند أوامره والخاشع هو المتذلل والخاضع له والمتصدق الباذل نفسه وروحه وملكه فى رضا مالكه والصائم الممسك عن كل ما لا يرضاه الله والحافظ فرجه الراعى لحقوق الله عليه فى نفسه وقلبه والذاكر لله الناسى كل ما سواه أوجب الله على نفسه لمن هذه صفته ستر الذنوب عليه ومغفرتها له وأجرًا عظيمًا وثوابًا له وهو رضا الله ورؤيته.
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: إن الذين أسلموا وانقادوا وآمنوا وصدقوا وخشعوا ودعوا الله على الإخلاص وصدَّقوا الله فى وعده ووفوا له بما وعدوه من أنفسهم وصبروا فى البأساء والضرّاء وخشعوا وخضعوا وانقادوا وتصدقوا وخرجوا عن جميع ما ملكوا وأمسكوا عن المخالفات وحفظوا فروجهم ورعوا أسرارهم عن نزغات الشيطان وذكروا الله ولم ينسوه فى جميع الأحوال أعدّ الله لهم الرضوان والرضا والتمكين والمشاهدة واللقاء.
وقال الحسين: الصادق الظاهر له القدرة يظل عند ربه ويطعمه من نوره ويسقيه شرابًا طهورًا أولئك الأقوياء الذين لا يحتاجون إلى الطعام ولا الشراب ولا يموتون.
قال الشبلى: الصادق من يكون مواصلاً للأحزان وقلبه منفرد بالرحمن.
قال مطرف القرميسى: الصوم ثلاثة؛ صوام الروح بقصر الأمل وصوم العقل بمخالفة الهوى وصوم الجسد بالإمساك عن الطعام.
وقال أبو سعيد الخراز: الصبر اسم لمعانٍ ظاهرة وباطنة فأما الظاهرة فهى ثلاثة: الصبر على أداء الفرائض واجتناب عما نهى الله عنه والصبر على النوافل وعلى قبول الحق. وأما الباطنة فالصبر معه والصبر فيه والصبر منه.
وقال أيضًا: الحافظين فروجهم الذين حفظوا أسماعهم عن اللغو والخنا وأصغوا إلى الله بآذان قلوبهم الواعية ولم يغفلوا عن ندائه بحال.
وقال بعضهم: الذاكرون خمسة ذاكر ذكره بالثناء وآخر ذكره بالدعاء وآخر ذكره بالتسبيح، والآخر ذكره بالاستغفار وذاكر يذكره بذكره.
وقال القاسم: القانت المطيع الذى لا يعصى الله.
قال بعضهم: الصابر من أهل الباب والراضى من أهل الدار والمفوّض من أهل البيت.
قال بعضهم: الخشوع الطمأنينة عند اختلاف المقادير.
وقال ابن سالم: الذاكر ثلاث ذاكر باللسان فذلك الحسنة بعشرة أمثالها وذاكر القلب الحسنة بسبعمائة وذكر لا يوزن ثوابه ولا يعد وهو الامتلاء من المحبة.
قال الشبلى: الذكر نسيان الذكر فى مشاهدة المذكور.
وقال عمر المكى: الحافظ لفرجه هو الواقف عند أمره ونهيه ولا يتعداها والمتأدب بأدبه الذى من تجاوزه ضل عن سواء السبيل.