التفاسير

< >
عرض

فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ
١١
-الشورى

حقائق التفسير

قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [الآية: 11].
قال الواسطى رحمة الله عليه: ليس كذاته ذات ولا اسمه اسم من جهة المعنى ولا كصفته صفة من جميع الوجوه إلاَّ من جهة موافقة اللفظ وكما لم يجز أن يظهر من مخلوق صفة قديمة كذلك يستحيل أن يظهر من الذات الذى ليس كمثله شىء صفة حديثة وأنَّ التكرار من حدوث الصفة جل ربنا أن يحدث له صفى أو اسم إذ لم يزل بجميع صفاته واحداً ولا يزال كذلك.
وقال أيضاً: أمور التوحيد كلها خرجب من هذه الآية: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } لأنه ما عبر عن الحقيقة بشىء إلا والعلة مصحوبة والعبارة منقوصة لأن الحق لا ينعت على أقداره لأن كل ناعت مشرف على المنعوت وجلّ أن يشرف عليه مخلوق.
سمعت محمد بن عبد الله بن عبد العزيز المكى الرازى يقول: سمعت أبا بكر الشبلى يقول: كلما ميزتموه بأوهامكم وأدركتموه بعقولكم فى أتم معانيكم فهو مصروف إليكم ومردود عليكم محدث مصنوع مثلكم لأن حقيقته عالٍ عن أن تلحقه عبارة أو يدركه وهم وأن يحيط به علم كلا وكيف يحيط به علم وقد اتفقت فيه الأضداد بقوله:
{ هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ } [الحديد: 3] أى عبارة تخبر عن حقيقة هذه الألفاظ قصرت عنه العبارات وخسرت الألسن لقوله: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }.
قال الواسطى رحمة الله عليه: من احتجب عن خلقه بخلقه ثم عرفهم صنعه بصنعه وساقهم إلى أمره فلا يمكن الأوهام أن تناله ولا العقول أن تختاله ولا الأبصار أن تمثله ولا الأسماع أن تشمله ولا الأمانى أن تمتهنه هو الذى لا قبل له ولا بعد ولا مقصر عنه ولا معدل ولا غاية وراءه ولا مهل ليس له أمد ولا نهاية ولا غاية ولا ميقات ولا انقضاء لا يستره حجاب ولا ينقله مكان ولا يحويه هواء ولا يحتاطه فضاء ولا يتضمنه خلاء { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }.