التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ
٢٩
-الرحمن

حقائق التفسير

قوله تعالى: { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [الآية: 29].
قال ابن عطاء: الغنى على الحقيقة من استغنى عن الأكوان وما فيها وعن ما أبدا لهم وعليهم من أحوالهم ونظر إلى الأكوان كلها على الاحتياج إليه والرجوع إلى بابه سائلين محتاجين مظهرين لفقرهم وفاقتهم وحاجتهم وعجزهم فقال: { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } القوة على العبادة وهم الملائكة ومن فى الأرض الرزق والعافية وفى حملتهم خواص شغلهم عن سؤاله وأغناهم علمه بهم عن التعرض لهم بحال الناظرين إليه بالأسرار الذين أخبر النبى صلى الله عليه وسلم عنهم بقوله جل ذكره:
"من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين" .
قال الواسطى: من سأل الله أعطاه سؤله على قدره ومن ابتدأه بالعطاء ابتدأه بما يليق بفضله وجوده وكرمه قال الله تعالى: { { حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ } [الحجرات: 7] وقال النبى صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل: "أعطيتكم قبل أن تسألونى واستجبت لكم قبل أن تدعونى" .
قوله تعالى: { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [الآية: 29].
قال أبو سليمان الدارانى فى هذه الآية: معناه كل يوم إلى عبيده برٌ جديد.
وقال: هو إيصال نعمه إليك ودفع ضره عنك فلِمَ تغفل عن طاعة من لا يغفل عن برك؟
قال القاسم: ومن عجائب شأنه إخفاء أماراته وعلاماته فيها ويظهرها وقتًا ويغفلها وقتًا ويوقظها وقتًا.
قال الواسطى: تغييب ظاهر وإظهار غائب وقال: سوق المقادير إلى أوقاتها. وقال فى قوله: { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } يعنى شأن الخلق فإذا سألت لك أمراً منهم ومن الذين هو فى شأنهم أنشأتك مرضياً عنده فتشربه وقد رضيت بما اختار لك ربك. مما يسوق إليك فى أوقاتك من قضائه وقدره مرضى بقى بلا جواب لأن ذلك من علم الغيب.
سمعت أحمد بن جعفر بن مالك يقول: سمعت الجنيد يقول: يا من هو كل يوم فى شأن اجعلنا فى بعض شأنك.