التفاسير

< >
عرض

لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٢٢
-المجادلة

حقائق التفسير

قوله: { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [الآية: 22].
قال سهل: من صح إيمانه وأخلص توحيده فإنه لا يأنس إلى مبتدع ولا يجالسه ولا يؤاكله ولا يشاربه ولا يصاحبه ويظهر له من نفسه العداوة والبغضاء من داهن مبتدعاً سلبه الله حلاوة السنن ومن تحبَّب إلى مبتدع لطلب عز فى الدنيا أو عرض منها أذلة الله بذلك العز وأفقره بذلك الغنى ومن ضحك إلى مبتدع نزع الله نور الإيمان من قلبه.
قوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } [الآية: 22].
قال سهل: كتب الله الإيمان فى قلوب أوليائه سطوراً فالسطر الأول التوحيد والثانى المعرفة والثالث اليقين والرابع الاستقامة والخامس الثقة والسادس الاعتماد والسابع التوكل وهذه الكتابة هى فعل الله لا فعل العبيد وفعل العبيد فى الإيمان هو ظاهر الإسلام وما يبدو منه ظاهراً وما كان باطناً فهو عقل الله عز وجل.
وقال أيضاً: الكتاب فى القلب موهبة الإيمان التى وهبها الله لهم قبل خلقهم فى الأصلاب والأرحام ثم أبدأ سطر النور فى القلب ثم كشف الغطاء عنه حتى أبصر ببركته الكتاب ونور الإيمان والمغيبات.
وقال: حياة الروح بالقلب وحياة النفس بالروح وحياة الروح بالذكر وحياة الذكر بالذاكر وحياة الذاكر بالمذكور.
وقال الحسين فى قوله: { أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ }.
قال: أقبل عليهم بنظره وملكهم بقدرته وأحصاهم بعلمه وأحاطهم بنوره ودعاهم إلى معرفته.
قال الواسطى: هو الذى كتب الإيمان فى قلوب المؤمنين ليكون أثبت وأبقى كوقوع المناسبات.
وقال أيضاً: الإيمان سواطع الأنوار وله لمعة فى القلوب وتمكين معرفة حملت السرائر فى الغيوب.
قال النصرآباذى: كتابةً من الحق ونقشاً منه كتبها ونقشها فى قلوب أوليائه ثم أطلعهم عليها فقرأه كل قارئ وغير قارئ لعناية للحق فيه مستترة.
قوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [الآية: 22].
قال سهل: الحزب سبعة وهم الأبدال والأرفع منهم الصديقون، ألا إن حزب الله هم المفلحون الغالبون إلا أن الوارثين لأسرار علومهم المشرفين على معادن ابتدائهم إلى انتهائهم هم المفلحون.
قال الحسين: حزب الله الذين إذا نطقوا بهروا وإن سكتوا ظهروا وإن غابوا حضروا وإن ناموا شهدوا وأكملوا فكملوا وأزيحت عنهم علل التخليط فظهروا.
قال أبو سعيد: حزب الله هم قوم علاهم البهاء والبهجة فنعموا فلم يحتملوا الأذى وصاروا فى حرزه وحماه فغلب نورهم الأنوار أجمع وعلت مقاماتهم المقامات أجمع وكانوا فى عين الجمع مع الحق أبداً.
قال ابن عطاء: إن لله عباداً اتصالهم به دائم وأعينهم به قريرة أبداً لا حياة لهم إلا به لاتصال قلوبهم به والنظر إليهم بصفاء اليقين فحياتهم بحياته موصولة لا موت لهم أبداً ولا صبر لهم عنه لأنه قد سبى أرواحهم فعلقها عنده فتم مأواها قد غشى قلوبهم من النور ما أضاءت به وأشرقت ونمى زياداتها على الجوارح وصاروا فى حرزه وحماه. { أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ... } الآية.
قال محمد بن على الترمذى: حزب الله رجاله فى أرضه والذابون عن حرمه والناصرون لحقه.
قال أبو عثمان: حزب الله من يغضب لله ولا تأخذه فيه لومة لائم.