التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
١٩
-الحشر

حقائق التفسير

قوله تعالى: { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ } [الآية: 19].
قال سهل: نسوا الله عند الذنوب فأنساهم الله الاعتذار وطلب التوبة.
قال الواسطى: هو من فرغ من شاهده إلى شاهده ولم يفرغ إلى ربه فيما أمره به ودعاه إليه.
قال ابن عطاء فى هذه الآية: من أبلاه الله بنسيان نفسه ومشاهدة ذلته وقلبه كان ذلك بدأ عقوبة من الله إياه على إعراضه عن الله وإغماضه عن صنعه ثم يزداد على الله جزاؤه لقلة مشاهدته فمن كان كذلك لا ترجى له السلامة لفقدان آثار السلامة.
قال بعض الحكماء: رأينا أنفسنا متبعة لما تهوى فيجب علينا الوقوف عندها حتى تنظر ما هذا الذى يقطعنا عن الله ونحن بقربه فلم نجد لأنفسنا آفة إلا النسيان ولم نجد للنسيان آفة إلا سوء الرعاية ولم نجد لسوء الرعاية آفة إلا قلة التفكر فيما وعد الله وأنذر ولم نجد لقلة التفكر آفة إلا اعتقاد حب الدنيا ثم وجدنا اعتقاد حب الدنيا ميراث إيثار النفس على ربها واختيار محبتها على محبته وهواها على رضا وذلك ميراث الغفلة عن الله ومن نسى الله أداه موارث نسيانه إلى نسيان نفسه. قال الله: { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ... } الآية. فمن أراد بإذن الله تنبيه نفسه عن رقدة الغفلة والنسيان فليشغل نفسه بطلب ما أراد الله منها دون ما أرادت نفسه منها وليتخذ عقله دليلاً على هوى نفسه فهنالك يصفو ذكره فإذا صفى ذكره آثره على نفسه فإذا آثر رضاه على هدى نفسه زال حب الدنيا عن قلبه لأن حب الدنيا إنما أحجبها عن قلبه انحلّت عقدتها.