التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٩
-الحشر

حقائق التفسير

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ... } الآية.
سمعت سعيد بن أحمد يقول: سئل أبو الحسين البوشيخى عن الفتوة؟ فقال: الفتوة عندى ما وصف الله تعالى به الأنصار من قوله: { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ... } الآية. وفى قول النبى صلى الله عليه وسلم:
"المؤمن الذى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه" .
قال القاسم: من عَمَّر داره للفتوة والفتيان كان محموداً ومن عمَّرها لنفسه والتزين به كان مذموماً قال الله تعالى: { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ... } الآية.
قوله تعالى: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [الآية: 9].
قال ابن عطاء: يؤثرون به جوداً وكرماً ولو كان بهم خصاصة يعنى جوعاً.
وقال أبو حفص: الإيثار هو أن تقدم حظوظ الإخوان على حظك فى أمر دنياك وآخرتك.
وقال بعضهم: الإيثار لا يكون عن اختيار إنما الإيثار أن تقدم حقوق الخلق أجمع على حقك ولا تميز فى ذلك بين أخ وصاحب وذى معرفة.
وقال يوسف بن الحسين: إنما الإيثار من رأى لنفسه ملكاً لا يصح له الإيثار لأنه يرى نفسه أحق بالشىء لرؤية ملكه إنما الإيثار لمن يرى الأشياء للحق فمن وصل إليه فهو أحق به وإذا وصل الشىء من ذلك إليه يرى نفسه ويده فيه يد غصب أو يد أمانة يوصلها إلى صاحبها أو يؤديها إليه.
قال بعضهم: الإيثار أن تؤثر بحظ آخرتك فإن الدنيا أقل خطراً من أن يكون لإيثارها محل أو ذكر.
قوله تعالى: { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } [الآية: 9].
قال سهل: حرص نفسه على شىء هو غير الله والذكر له فأولئك هم المفلحون الباقون مع الله أحياء بحياته.
سئل الواسطى: متى ينجو العبد من شح نفسه؟ قال: لو أتى بإخلاص الكليم وأدب الخليل وخلق الحبيب ثم كان لسره على سره أثرًا ولشىء على قلبه خطرًا كان محرومًا فى وقته ومرتبطًا بحظه.
قال محمد بن الفضل: ما شح أحد إلا ظلم غيره وطلب ما ليس له.
وقال بعضهم: الشح متابعة الطبع والإيثار مخالفة النفس.