التفاسير

< >
عرض

وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
٣
-الطلاق

حقائق التفسير

قوله تعالى: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [الآية: 3].
قال سهل: يكل أموره إلى ربه فإن الله يكفيه الدارين أجمع.
قال محمد بن الفضل: إذا وقع العبد فى باب التمنى شغل قلبه عن المعرفة والشكر وإذا ترك العبد نفسه وتدبيره ورضى بتدبير الله فيه وتوكل عليه فالله حسيبه ومن ترك مشيئته فمشيئة الله له عوض عن مشيئته.
وسئل حمدون عن التوكل؟ فقال: تلك درجة لم أبلغها بعد وكيف يتكلم فى التوكل من لم تصح له حال الإيمان.
سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت الجريرى يقول: سألت الجنيد - رحمة الله عليه - عن المتوكلين؟ فقال: هم على أربع درجات من الأسباب وهى ثلاثة سبب ومسبب ومتسبب فالذى يقع له السكون على ما يجرى من الأسباب من غير مؤنة هو أتمهم.
وقال أبو عثمان رحمة الله عليه: قد يكون الرجل متوكلاً مع الأسباب إذا انقطعت الأسباب عن قلبه وإذا ترك الأسباب بنفسه ولم ينقطع بقلبه لا يكون متوكلاً لأن التوكل أصله فى انفراد القلب عن أسباب المعيشة.
وقال شاه: التوكل سكون القلب فى الموجود والمفقود.
وقال: التوكل قطع القلب عن كل علاقة والتعلق بالله فى كل الأحوال.
وقال بعضهم: من يتوكل على الله حقيقة التوكل هو انتظار الفرج من محن الله والمنتظر هو مقيم على مخالفته فنفس التوكل عقوبة وكذا الصبر.
وقال القاسم: التوكل الرضا بما يجرى من القضاء وزيادة الإيمان كزيادة الهلاك.
وقال الحسين: التوكل على الحقيقة لا تأكل شيئًا وفى البلد أحق منه ومن رأى السبب فهو المدّعى.
وقال: سئل يحيى بن معاذ متى يكون الرجل متوكلاً؟ قال: إذا رضى الله وكيلاً وإذا وثق بوعد الله فى رزقه ولم يتبرع باكتساب الآثام من جنب رزق مضمون.
قال الحسين: التوكل هو الاستكفاء بالله والاعتماد على الله ومن يتوكل على الله كفاه وصدق التوكل أن لا يخاف من غير الله وحقيقة التوكل الاستئناس بالله.
قال سهل: التوكل معرفة معطى أرزاق المخلوقين.
قال: وجاء رجل إلى الشبلى يشكو إليه كثرة العيال فقال: ارجع إلى بيتك فمن تعلم أن رزقه ليس على الله فاطرده.
وقال الدقاق: بالتوكل على الله قاموا مع الله وبالتوكل فتحت لهم أحكام الله وبالتوكل تركوا أمورهم على الله ونفس التوكل الكفاية.
وقال عمرو المكى: التوكل حسن الاعتماد على الله.
وقال أبو عبد الله بن خفيف بالاكتفاء بضمانه وإسقاط التهمة فى قضائه.
وقال بعضهم: إستياد الوجد على الإشارة وحذف التشرف إلى الإرفاق.
وقال عطاء: قد شرف الله التوكل وعظم مقامه ولو لم يكن من شرف التوكل إلا قوله تعالى: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } لكان فى هذا القول من الله عز للمتوكلين.
سمعت محمد بن شاذان يقول: سمعت محمد بن على الكتابى يقول: التوكل الأصل اتباع العلم وفى الحقيقة استعمال اليقين.
سمعت أبا بكر الرازى يقول: سمعت الدراج يقول: التوكل مقرون مع الإيمان فكل إنسان توكله على قدر إيمانه فمن أراد التوكل فعليه بحفظ إيمانه مع إقامة النفس على أحكامه ويستعمل الصبر ويستعين بالله.
وقال ذو النون: خص الله أهل ولايته بالانقطاع إليه ليعرفهم فضله وإحسانه فانصرفت هموم الدنيا عن قلوبهم وعظم شغل الآخرة فى صدورهم لما سكنها من هيبة ربهم فألزموا قلوبهم من العبودية وطرحوا أنفسهم فى شرائح التوكل.