التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٨
-التحريم

حقائق التفسير

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } [الآية: 8].
قال أبو عبد الله: التوبة على عشر مقامات أولها الخروج من الجهل والندم على الفعل والتجافى عن الشهوة واعتقاد مقت النفس المسئولة وإخراج المظلمة وإصلاح الكسرة وإسقاط الكذب وترك قرين السوء والخلوّ من المعصية والعدول عن طريق الغفلة هذه بأجمعها وسلوك سبيل التوبة فإذا اجتمعت صحَّت التوبة دخلت فى جملة التوبة النصوح.
وقال محمد بن خفيف: طالب عباده بالتوبة وهو الرجوع إلى الله تعالى من حيث ذهبوا عنه والنصوح فى التوبة الصدق فيها وترك ما منه تاب سرًا وعلنًا وقولاً وفكرةً.
قال الواسطى: التوبة النصوح لا يبقى على صاحبها أثر من المعصية سرًا ولا جهرًا.
وقال أبو سليمان الدارانى: من التوبة النصوح أن يكون صاحبها نادمًا على ما مضى مجمعًا عقده وعزمه فيما بقى أن لا يعود وجل القلب فيما بين ذلك ويكون من ذنوبه على يقين ومما أحدث من التوبة على وجل لا يدرى أهى مقبولة منه أو مضروب بها وجهه.
وقال بعضهم: التوبة النصوح أن تترك الذنب كما أتيته وتبغضه كما أحببته. وقيل: التوبة النصوح التى يديم العبد فيها على الاستغفار.
وقال أبو بكر الوراق: التوبة النصوح توبة لا عقد عوض وهى التوبة التى لا يحتاج منها إلى توبة.
سمعت محمد بن الحسن البغدادى يقول: سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول: سمعت سعيد بن عثمان يقول: قال ذو النون: التوبة النصوح هى إدمان البكاء على ما سلف من الذنوب والخوف المقلق من الوقوع فيها وهجران أخدان السوء وملازمة أهل الخير.
قوله تعالى: { يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ } [الآية: 8].
قال بعضهم: لا يرد شفاعته فى أمته والذين آمنوا لا نرد شفاعتهم فى إخوانهم وأقاربهم.
قوله تعالى: { نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } [الآية: 8].
قال ابن عطاء: إنما هى أنوار التوحيد ونور المعرفة ونور الحقيقة يسعى بهذه الأنوار إلى محل القرار.
قوله تعالى: { يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } [الآية: 8].
قال بعضهم: لا تقطعنا بك عنك وكن دليلنا منك عليك حتى تتم لنا الأنوار وإن تمام النور بإتمام المنور له.
وقال بعضهم: أتمم لنا نورنا أى ارزقنا لقاءك فإنه غاية الطلبات.
وقال سهل: لا يسقط الافتقار إلى الله تعالى عن المؤمنين فى الدنيا والآخرة أشد افتقارًا إليه وإن كانوا فى دار العز والغنى لشوقهم إلى لقائه يقولون: { رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا }.