التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ
٤
-القلم

حقائق التفسير

قال سهل: تأدبت بأدب القرآن ولم تتجاوز حدوده وهو قوله: { { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ... } [النحل: 90] الآية.
قال الواسطى: إنه جاد بالكونين عوضًا عن الحق. وقال أيضًا: الخلق العظيم أن لا يُخَاصِم ولا يُخَاصَمَ من شدة معرفته بربه فى ليلة المسرى.
قال الحسين: لأنك تنظر إلى الأشياء بشاهد الحق ولا تنظر إلى الأشياء بشاهدك فإن من نظر إلى الأشياء بشاهده هلك.
وقال الواسطى: لوجدانك حلاوة المطالعة على سرك.
وقال أيضاً: إنك قبلت فنون أسديت إليك من نعمى أحسن مما قبله غيرك من الأنبياء والرسل لأنى جبلتك على خلق عظيم.
وقال الحسين: معناه أنه لم يؤثر فيك جفاء الخلق بعد مطالعة الحق.
وقال: صغرت الأكوان فى عينك بعد مشاهدة مكنونها.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطاء فى قوله: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } قال: جدت بالدنيا والآخرة عوضًا منا.
وقال الجنيد: احتمل فى الله البلاء وقال: "اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون".
وقال القاسم: ليس للكون عليه أثر.
وقال الواسطى: أظهر الله قدرته فى عيسى ونفاذه فى آصف وسخطه فى عصى موسى وأظهر أخلاقه ونعوته فى محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } فإذا فتشت هؤلاء فى الحقيقة لا تجد إلا نعوتًا قائمة بنعوت قائمة بنعوت للمنعوت لا لغيره.
وقال فارس: من عظم خلقه كان يتبتل إليه تبتيلاً فغيبه بعد الحضور.
وقال يحيى بن معاذ: فى علو الأخلاق كنوز الأرزاق.
قال أبو سعيد الخراز فى ذلك: ليست لك همة إلا الله.
قال الواسطى: كيف لا يكون كذلك من يحلى الله سره بأنوار أخلاقه وحق لمن وقعت له المباشرة الثالثة أن يكون مفضلاً على الخلق.
قال جعفر: هو صرف الإيمان وحقيقة التوحيد.
وقال الوسطى: الخلق لا يحتمله العام والخلق لمن تخلق لأن الله أوحى إلى داود صلى الله عليه وسلم أن تخلق بأخلاقى فإنى أنا الصبور فمن أوتى الخلق فقد أوتى أعظم المقامات لأن المقامات ارتباط بالعامة والخلق ارتباط بالصفات والنعوت.
قال محمد بن على الترمذى: أى خلق أعظم من خلق خص به نبيه وحبيبه وهو ترك مشيئته ونبذها وراء ظهره.
وقال الجنيد: وخلق أجمع فى أربعة أشياء فى السخاوة والأنفة والنصيحة والشفقة.
سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت ابن عطاء يقول فى قوله: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } الخلق العظيم أن لا يكون له اختيار ويكون تحت الحكم والصفح والعفو مع فناء النفس وفناء المألوفات.
قال أبو سعيد القرشى: العظيم هو الله ومن أخلاقه الجود والكرم والصفح والعفو والإحسان ألا ترى إلى ما روى عن النبى صلى الله عليه سلم أنه قال:
"إن لله مائة وبضعة عشرة خُلقاً من أتى بواحد منها دخل الجنة" فتخلق بأخلاق سيده فوجب الثناء عليه بقوله: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }.
وقال أبو سعيد: عظمه حيث زينه به.
وقال الحسين: عظم خلقك حيث لم ترض بالأخلاق وسرت ولم تسكن إلى النعوت حتى وصلت إلى الذات ثم فنيت عن الذات بالذات حتى وصلت حقيقة الذات، ومن فنى بالفناء عن الفناء كان القائم عنه غيره بالبقاء.
وقال الحسين: كيف لا يكون سره عظيمًا وقد حلى الله سره بأنوار أخلاقه وحق له لمن وقفت له المباشرة الثالثة أن يكون مفضلاً فى خلقه.
قال الواسطى: لما بعث النبى صلى الله عليه وسلم بالحجاز حجبه بها عن اللذات والشهوات وألقاه فى الغربة والجفوة فلما صفاه بذلك عن دنس الأخلاق قال: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }.