التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ
٥
-البينة

حقائق التفسير

قوله تعالى: { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [الآية: 5].
قال سهل: الإخلاص هو الإجابة فمن لم يكن له إجابة فلا إخلاص له، وقال: لا يكمل للعبد شىء حتى يوصل عمله بالخشية وفعله بالورع، وورعه بالإخلاص، وإخلاصه بالمشاهدة، والمشاهدة بالتبرى عما سواه قال: نظر الأكياس فى الإخلاص فلم يجدوا شيئًا غير هذا أن تكون حركاته وسكونه فى سره وعلانيته لله، وحده لا شريك له لا يمازجه شىء ولا نفس، والإخلاص على ثلاثة معانٍ:
اخلاص العبادة لله، وإخلاص العمل لله، وإخلاص القلب لله.
وقال القاسم فى قوله: { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ... } الآية قال: هو أن لا ترجع مما لله إلى حظ نفسك إلا على حسب القوام.
وقال ابن منصور: الإخلاص تصفية العمل من شوائب الكدر.
وقال بعضهم: الإخلاص باطن والخشوع ظاهر.
وقال بعضهم: الإخلاص أن لا يطلع على عملك إلا الله ولا ترى نفسك فيه، وتعلم أن المنة لله عليك فى ذلك حيث أهَّلك لعبادته، ووفقك لها ولا تطلب من الله ثوابًا.
وقال ذو النون: الإخلاص لا يتم إلاَّ بالصدق، والصبر عليه والصدق لا يتم إلاَّ بالإخلاص فيه، والمداومة عليه.
سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت أبا عثمان الآدمى يقول: سمعت أبا القاسم يقول: سمعت إبراهيم الخواص يقول: النفس صنم والروح شريكه فمن عبد النفس فهو يعبد الصنم ومن عبد الله بالإخلاص فهو الذى قهر نفسه.
سمعت أبا الفضل نصر بن محمد يقول: أخبرنى جعفر بن محمد قال: سألت الجنيد عن الصدق، والإخلاص أهما أو بينهما فرق؟ قال: فرق وحال. قلت: ما الفرق وما الحال؟ قال: الصدق أصل هو الأول والإخلاص فرع وهو تابع، والصدق أصل كل شىء والإخلاص لا يكون إلا بعد الدخول فى الأمان ثم قال: ها هنا حال إخلاص ومخالصة فى الإخلاص وخالصه. كأسه فى المخالصة، قيل له: فالصدق ما هو؟ قال: هو تجرى مع موافقة الله فى كل موطن فالصدق غير مفارق للعبد، والإخلاص فإنما يكون فى فعل وذلك قوله: { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }. إنما هو العقل.
سمعت عبد الله يقول: سمعت العباس بن يوسف الشبلى يقول: سمعت ابن العزجى يقول: الإخلاص فيه ثلاثة أقوال: أولها: صدق القلب فى طلب الثواب للأعمال والهرب منها من العقاب، والثانى: الإرادة للأعمال بالخروج من كل شبهة، والثالث: لا يحب حمد المخلوقين ولا ذمهم، ولا ما فى أيديهم.
وقال أبو يعقوب السوسى: الإخلاص إفراد الله بالأعمال الصالحة.