التفاسير

< >
عرض

أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ ٱلْكَافِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ
٢
-يونس

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ }.
تعجبوا من ثلاثة أشياء: من جواز البعث بعد الموت، ومن إرسال الرسل إلى الخَلْق، ثم من تخصيص محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة مِنْ بين الخلق، ولو عرفوا كمال مُلْكِه لم يُنْكِروا جواز البعث، ولو علموا كمال ملكه لم يجحدوا إرسالَ الرُّسل إلى الخلْق، ولو عرفوا أنَّ له أنْ يفعلَ ما يريد لم يتعجبوا من تخصيص محمد - صلى الله عليه وسلم بالنبوة مِنْ بين الخَلْق، ولكنْ سُدَّتْ بصائرُهم فتاهوا في أودية الحيرة، وعَثَرُوا - من الضلالة - في كل وَهْدَةٍ. وكان الأستاذ أبو علي الدَّقاق -رحمه الله - يقول: جَوَّزُوا أن يكون المنحوتُ من الخشب والمعمولُ من الصخر إلهاً معبوداً، وتعجبوا أن يكون مثلُ محمد - صلى الله عليه وسلم - في جلالةِ قَدْرِه رسولاً...!!هذا هو الضلال البعيد.
قوله جلّ ذكره: { وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ }.
وهو ما قدَّموه لأنفسهم من طاعاتٍ أخلصوا فيها، وفنونِ عباداتٍ صَدَقُوا في القيام بقضائها.
ويقال هو ما قَّدم الحقُّ لهم يومَ القيامة، مع مقتضى العناية بشأنهم، وما حَكَمَ لهم من فنونِ إحسانه بهم، وصنوفِ ما أفردهم به من امتنانهم.
ويقال: { قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ }: هو ما رفعوه من أقدامهم في بدايتهم في زمان إرادتهم، فإنّ لأَقْدام المريدين المرفوعِة لأَجْلِ اللَّه حُرْمَةً عند الله، ولأيامِهم الخاليةِ في حالِ تردُّدِهم، وليالَيهم الماضية في طلبه وهم في حُرْقَةِ تحيّرهم... مقاديرَ عند الله. وقيل:

مَنْ يَنْسَ داراً قد تخونها رَيْبُ الزمان فإني لست أنساكا

وقيل:

تلك العهودُ تشدُّها لتَحُلَّها عندي كما هي عقدها لم يُحْللِ