التفاسير

< >
عرض

قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ
١
ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ
٢
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
٣
وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ
٤
-الاخلاص

لطائف الإشارات

قوله جل ذكره: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }.
لمَّا قال المشركون: أُنسُبْ لنا ربَّكَ: أنزل الله تعالى: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }.
فمعنى "هو" أي: الذي سألتُم عنه "هو" الله. ومعنى "أحد" أي: هو أحدٌ.
ويقال: "هو" مبتدأ، "والله" خبره و"أحد" خبرٌ ثانٍ كقولهم: هذا حلوٌ حامض.
{ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ }.
{ ٱلصَّمَدُ }: السيِّدُ الذي يُصْمَدُ إليه في الحوائج، ويُقْصَدَ إليه في المطالب. ويقال: الكاملُ في استحقاق صفات المدح.
ويرجِّح تحقيقُ قولِ مَنْ قال: إنه الذي لا جوفَ له إلى أنه واحدٌ لا (...) في ذاته.
{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }.
ليس بوالدٍ ولا مولود.
{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }.
تقديره لم يكن أحدٌ كفواً له.
و "أحد" أصله وَحْدٌ، ووِحَدٌ وواحد بمعنًى، وكونه واحداً: أنه لا قسيمَ له ولا شبيهَ له ولا شريكَ له.
ويقال: السورة بعضها تفسيرٌ لبعض؛ مَنْ هو الله؟ هو الله. مَنْ الله؟ الأحد، مَنْ الأحد؟ الصمد، مَنْ الصمد؟ الذي لم يلد ولم يولد، مَنْ الذي لم يلد ولم يولَد؟ الذي لم يكن له كفواً أحد.
ويقال: كاشَفَ الأسرارَ بقوله: "هو". وكاشَفَ الأرواحَ بقوله: "الله" وكاشَفَ القلوبَ بقوله: "أحد". وكاشَفَ نفوسَ المؤمنين بباقي السورة.
ويقال: كاشَفَ الوالهين بقوله: "هو"، والموحِّدين بقوله: "الله" والعارفين بقوله: "أحد" والعلماء بقوله: "الصمد"، والعقلاء بقوله: { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }.. إلى آخره.
ويقال: لمَّا بسطوا لسانَ الذمِّ في الله أمَرَ نبيَّنا بأنْ يَرُدَّ عليهم فقال: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }. أي ذُبَّ عني ما قالوا، فأنت أولى بذلك. وحينما بسطوا لسان الذمِّ في النبيِّ صلى الله عليه وسلم تولَّى الحقُّ الردَّ عليهم. فقال:
{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } [القلم:1، 2] وقال: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } [النجم:1, 2] أي أنا أذبُّ عنك؛ فأنا أولى بذلك منك.
ويقال: خاطَبَ الذين هم خاص الخواص بقوله: "هو" فاستقلوا، ثم زاد لمن نزل عنهم فقال: "الله"، ثم زاد في البيان لمن نزل عنهم.
فقال: "أحدٌ" ثم لمن نزل عنهم فقال: "الصمد".
ويقال: الصمدُ الذي ليس عند الخَلْقُ منه إلا الاسم والصفة.
ويقال: الصمدُ الذي تقدَّس عن إحاطةِ عِلْمِ المخلوقِ به وعن إدراك بَصَرهم له، وعن إشرافِ معارفهم عليه.
ويقال: تقدَّسَ بصمديته عن وقوف المعارف عليه.
ويقال: تنَزَّه عن وقوف العقول عليه.