التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ
٣٢
وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ
٣٣
-إبراهيم

لطائف الإشارات

في الظاهر رفعَ السماءَ فأعلاها، والأرض من تحتها دحاها، وخلقَ فيها بحاراً، وأجرى أنهاراً، وأنبت أشجاراً، وأثبت لها أنوار وأزهاراً، وأمطر من السماء ماء مدراراً. وأخرج من الثمرات أصنافاً، ونوَّع لها أوصافاً، وأفرد لكلِّ منها طعماً مخصوصاً، ولإدراكه وقتاً معلوماً.
وأمَّا في الباطن فسماءُ القلوب زَيَّنَها بمصابيح العقول، وأطلع فيها شمس التوحيد، وقمر العرفان. ومَرج في القلوب بحري الخوف والرجاء، وجعل بينهما برزخاً لا يبغيان؛ فلا الخوف يقلب الرجاء ولا الرجاء يقلب الخوف، كما جاز في الخبر:
"لو وزنا لاعتدلا" - هذا لعوام المؤمنين، فأمَّا للخواص فالقبض والبسط، ولخاص الخاص فالهيبة والأُنس والبقاء والفناء.
وسَخَّر لهم الفُلْكَ في هذه البحار ليعبروها بالسلامة، وهي فلك التوفيق والعصمة، وسفينة الأنوار والحفظ، وكذلك ليالي الطلب للمريدين، وليالي الطرب لأهل الأُنْس من المحبين، وليالي الحرب للتائبين، وكذلك نهار العارفين باستغنائهم عن سراج العلم عند متوع نهار اليقين.