التفاسير

< >
عرض

رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
٣٧
-إبراهيم

لطائف الإشارات

أخبر عن صدق توكله وصدق تفويضه بقوله: { إِنَّيۤ أَسْكَنتُ } وإنما رأى الرِّفقَ بهم في الجوارِ لا في المَبَارِّ قال: { عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ } ثم قال: { لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ }: أي أسكنتُهم لإقامة حقِّكَ لِطَلَبِ حظوظهم.
ويقال اكتفى أن يكونوا في ظلال عنايته عن أن يكونوا في ظلال نعمته.
ثم قال: { فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ } أي ليشتغلوا بعبادتك، وأقم قومي - ما بقوا - بكفايتك، { وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ }: فإنَّ مَنْ قام بحقِّ الله أقام اللَّهُ بحقّه قَوْمَه، واستجاب اللَّهُ دعاءَه فيهم، وصارت القلوبُ من كل بَر وبحرٍ كالمجبولة على محبة تلك النسبة، وأولئك المتصلين، وسكان ذلك البيت.
ويقال قوله: { بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ } [إبراهيم: 37]: أي أسكنتهُم بهذا الوادي حتى لا تتعلق بالأغيار قلوبُهم، ولا تشتغل بشَيءٍ أفكارهم وأسرارُهم، فهم مطروحون ببَابِكَ، مصونون بحضرتك، مرتبطون بحُكْمِك؛ إنْ رَاعيتَهُم كَفَيْتَهُم وكانوا أَعَزَّ خَلْقِ الله، وإنْ أقصيتَهم ونفيتهم كانوا أضعفَ وأذلَّ خَلْقِ الله.