التفاسير

< >
عرض

رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ
٤٠
رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ
٤١
-إبراهيم

لطائف الإشارات

في قوله: { رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ... } إشارة إلى أن أفعال العباد مخلوقة، فمعناه اجعل صلاتي، والجَعْلُ والخَلْقُ بمعنى، فإذا جعله مقيمَ الصلاة فمعناه أن يجعل له صلاةً.
وقوله: { وَمِن ذُرِّيَتِي } أي اجعل منهم قوماً يُصَلُّون، لأنه أخبره في موضع آخر بقوله:
{ { لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ } [البقرة: 124].
ثم قال: { رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } وهذا قبل أن يعلم أنه لا يُؤْمِن.
ويقال إن إجابة الدعاءِ ابتداءُ فضلِ منه, ولا ينبغي للعبد أن يَتَّكِلَ على دُعاءِ أحد وإن كانْ عَلِيَّ الشأن، بل يجب أن يعلق العبد قلبه بالله؛ فلا دعاءَ أتمُّ منْ دعاءِ إبراهيم عليه السلام، ولا عنايةَ أتمُّ من عنايته بشأن أبيه، ثم لم ينفعه ولا شفع الله له.
ويقال لا ينبغي للعبد أن يترك دعاءه أو يقطعَ رجاءَه في ألا يستجيبَ الله دعاءَه، فإن إبراهيمَ الخليلَ عليه السلام دعا لأبويه فلم يُسْتَجَبْ له، ثم إنه لم يترك الدعاء، وسأل حينما لم يُجَبْ فيه. فلا غضاضةَ على العبد ولا تناله مَذَلَّةٌ إِنْ لم يُجِبْهُ مولاه في شيء؛ فإِنَّ الدعاءَ عبادةٌ لا بدَّ للعبد من فِعْلها، والإجابةُ من الحقِّ فضلٌ، وله أن يفعل وله ألا يفعل.