التفاسير

< >
عرض

أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
١
-النحل

لطائف الإشارات

صيغة أتى للماضي، والمراد منه الاستقبال لأنه بشأن ما كانوا يستعجلونه من أمر الساعة، والمعنى "سيأتي" أمر القيامة، والكائناتُ كلُّها والحادثات بأَسْرِها من جملة أمره؛ أي حصل أمرُ تكوينه وهو أمر من أموره لأنه حاصلٌ بتقديره وتيسيره، وقَضَائه وتدبيره؛ فما يحصل من خير وشرِّ، ونفع وضرِّ، وحلو ومُرِّ. فذلك من جملة أمره تعالى.
{ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } وأصحاب التوحيد لا يستعجلون شيئاً باختيارهم لأنهم قد سقطت عنهم الإرادات والمطالبات، وهم خامدون تحت جريان تصريف الأقدار؛ فليس لهم إيثار ولا اختيار فلا يستعجلون أمراً، وإذا أَمَّلوا شيئاً، أو أُخْبِروا بحصول شيءٍ فلا استعجال لهم، بل شأنهم التأنِّي والثباتُ والسكونُ، وإذا بَدَا من التقدير حُكمٌ فلا استعجالَ لهم لما يَرِدُ عليهم، بل يتقبلون مفاجأةَ التقدير بوجهٍ ضاحك، ويستقبلون ما يبدو من الغيب من الردِّ والقبول، والمنع والفتوح بوصف الرضاء، ويحمدون الحق - سبحانه وتعالى - على ذلك.
{ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }: تعالى عما يشركون بربهم، والكفار لم ييسر لهم حتى أَنَّه لا سكَنَ لقلوبهم من حديثه.