التفاسير

< >
عرض

ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً
٢١
-الإسراء

لطائف الإشارات

التفضيلُ على أقسام، فالعُبَّاد فَضَّلَ بعضَهم على بعض ولكن في زكاء أعمالهم، والعارفون فَضَّلَ بعضَهم على بعض ولكن في صفاء أحوالهم، وزكاء الأعمال بالإخلاص، وصفاء الأحوال بالاستخلاص؛ فقومٌ تفاضلوا بصدق القَدَمِ، وقوم تفاضلوا بعلوِّ الهِمَم. والتفضيل في الآخرة أكبر: فالعُبَّادُ تفاضلهم بالدرجات، قال صلى الله عليه وسلم: "إنكم لَتَرَوْنَ أهلَ عِلِّيين كما ترون الكوكبَ الدريَّ في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم" .
وأهلُ الحضرةِ تفاضُلُهم بلطائفهم من الأُنْس بنسيم القربة بما لا بيانَ يصفه ولا عبارة، ولا رمز يدركه ولا إشارة. منهم من يشهده ويراه مرةً في الأسبوع، ومنهم من لا يغيب من الحضرة لحظة، فهم يجتمعون في الرؤية ويتفاوتون في نصيبِ كلِّ أحد، وليس كلُّ مَنْ يراه بالعين التي بها يراه صاحبه،وأنشد بعضهم:

لو يسمعون - كما سمعتُ حديثها خَرَّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً وسجودا