التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
٣٦
-الإسراء

لطائف الإشارات

إذا غَلَبَتْ عليكَ مُجَوِّزَاتُ الظنونِ، ولم يُطْلِعْكَ الحقُّ على اليقين فلا تتكلف الوقوف عليه من غير برهان، وإذا أُشْكِلَ عليك شيءٌ من أحكام الوقت فارجِعْ إلى الله، فإِنْ لاحَ لقلبك وَجْهٌ من الدليل على حَدِّ الالتباس فَكِلْ عِلْمَه إلى الله، وِقفْ حيثما وقفت.
ويقال الفرق بين من قام بالعلم وبين من قام بالحق أَنَّ العلماءَ يعرفون الشيءَ أولاً ثم يعلمون بعلمهم، وأصحابُ الحقِّ يجْرِي عليهم يحكم التصريف شيءٌ لا علِمَ لهم به على التفصيل، وبعد ذلك يُكشَف لهم وجهُه، وربما يجري على ألسنتهم شيءٌ لا يدرون وَجْهَه، ثم بعد فراغهم من النطق به يظهر لقلوبهم برهانُ ما قالوه، ودليلُ ما نطقوا به من شواهد العلم.
قوله: { إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ } هذه أمانة الحق - سبحانه - عند العبد، وقد تقدم في بابها بما أوضحته ببراهين الشريعة.
ومَنْ استعمل هذه الجوارح في الطاعات، وصانها عن استعمالها في المخالفات فقد سَلَّم الأمانة على وصف السلامة، واستحق المدحَ والكرامة. ومَنْ دَنَّسَها بالمخالفات فقد ظهرت عليه الخيانة، واستوجب الملامة.