التفاسير

< >
عرض

وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً
٥٨
-الإسراء

لطائف الإشارات

العذاب على أقسام: فالألم الذي يَرِدُ على النفوس والظواهر يتصاغر بالإضافة إلى مَا يَرِدُ على القلوب والسرائر؛ فعذابُ القلوبُ لأصحابِ الحقائقِ أَحَدُّ في الشِّدَّةِ مِما يُصيب أصحابَ الفقر والقلة.
ثم إن الحقَّ سبحانه أجرى سُنَّتَه بأن مَنْ وصلت منه إلى غيره راحةٌ انعكست الراحةُ إلى موصلها، وبخلاف ذلك مَنْ وصلت منه إلى غيره وَحْشَةٌ عادت الوحشةُ إلى موصلها. ومَنْ سام الناس ظُلْماً وخَسْفَاً فَبِقَدْرِ ظُلْمِه يَعذِّبُه اللَّهُ - سبحانه وتعالى - في الوقت بتنغيص العَيْشِ، واستيلاءِ الغضب مِنْ كلِّ أحدٍ عليه، وتَتَرَجَّمُ ظنونُه وتتقسَّمُ أفكاره في أحواله وأشغاله، ولو ذاق من راحة الفراغ حلاوة الخلوة شظية لَعَلِمَ ما طعم الحياة.. ولكنْ حُرِموا النِّعَم، وما علموا ما مُنُوا به من النِّقَم.