التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٨٠
-المؤمنون

لطائف الإشارات

يُحْيي لنفوسَ ويُميتُهَا والمعنى في ذلك معلومٌ، وكذلك يحيي القلوبَ ويميتها؛ فموتُ القلب بالكُفْرِ والجُحد، وحياةُ القلبِ بالإيمان والتوحيد، وكما أنَّ للقلوبِ حياةً وموتاً فكذلك للأوقات موتٌ وحياةٌ، فحياةُ الأوقاتِ بيُمْنِ إقباله، وموتُ الأوقاتِ بمحنة إعراضه، وفي معناه أنشدوا:

أموت إذا ذكرتك ثم أحيا فكم أحيا عليك وكم أموت

قوله: { وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ }؛ فليس كلُّ اختلافها في ضيائها وظلمتها، وطولها وقِصَرِها، بل ليالي المحبين تختلف في الطول والقِصَر، وفي الروح والنوح؛ فَمِنَ الليالي ما هو أضوأ من اللآلي، ومن النهار ما هو أشدُّ من الحنادس، يقول قائلهم: لياليَّ بعد الظاعنين شُكُولُ.
ويقول قائلهم:

وكَمْ لظلامِ الليلِ عِنْدِيَ من يدٍ تُخَبِّرُ أَنَّ المانويةَ تَكْذِبُ

وقريب من هذا المعنى قالوا:

ليالي وصالٍ قد مَضَيْن كأنَّها لآلي عقودٍ في نحور الكواعبِ
وأيامُ هَجْـــرٍ أعقبتهــا كأنَّهــا بياضُ مشيبٍ في سواد الذوائبِ