التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
٣
-فاطر

لطائف الإشارات

مَنْ ذَكَرَ النِّعمةَ فصاحبُ عبادةٍ، ونائِلُ زيادة، ومَنْ ذَكَرَ المُنْعِمَ فصاحبُ إرادةٍ، ونائِلُ زيادة... ولكنْ فرقٌ بين زيادة وزيادة؛ ذلك زيادته في الدارين عطاؤه، وهذا زيادته لقاؤه: اليوم سِرَّاً بِسِرٍّ من حيث المشاهدة، وغداً جَهْراً بِجَهْرٍ من حيث المعاينة.
والنعمة على قسمين: ما دَفَعَ عنه من المِحَن، وما نَفَعَ به من المِنَن؛ فَذِكْرُه لما دَفَعَ عنه يوجِبُ دوامَ العصمة، وذكره لما نَفَعَه به يوجب تمام النعمة.
{ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ... }؟ وفائدة هذا التعريف أنه إذا عَرَفَ أنه لا رازقَ غيره لم يـُعلِّقْ قلبَه بأحدٍ في طلب شيءٍ، ولم يتذلل في ارتفاقٍ لمخلوقٍ، وكما لا يرى رِزْقَه من مخلوقٍ لا يراه من نفسه أيضاً؛ فيتخلَّصُ من ظلمات تدبيره واحتياله، ومن تَوَهُّم شيءٍ من أمثاله وأشكاله، ويستريح لشهود تقديره، ولا محالة يُخْلِصُ في توكله وتفويضه.