التفاسير

< >
عرض

وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ
٤١
وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ
٤٢
-يس

لطائف الإشارات

الإشارة إلى حَمْلِ الخَلْقِ في سفينة السلامة في بحار التقدير عند تلاطم أمواجها بفنونٍ من التغيير والتأثير. فكَمْ من عبدٍ غرق في اشتغاله في ليلة ونهاره، لا يستريح لحظةً من كَدِّ أفعاله، ومقاساةِ التعب في أعماله، وجَمْع ماله.
فَجَرَّه ذلك إلى نسيان عاقبته ومآلِه، واستيلاء شُغْلِه بوَلَدِه وعيالِه على فِكْرِه وبالِه - وما سَعْيُه إلاَّ في وَبَالِه!
وكم من عِبْدٍ غرق في لُجَّةِ هواه، فجَرَّتْه مُناه إلى تَحمُّلِ بلواه، وخسيسٍ من أمر مطلوبه ومُبْتَغَاه.. ثم لا يَصَلُ قط إلى منتهاه، خَسِرَ دنياه وعقباه، وبَقِيَ عن مولاه!
ومن أمثال هذا وذاك ما لا يُحْصَى، وعلى عقلِ مَنْ فكَّرَ واعتبر لا يَخْفَى.
أمَّا إذا حفظ عبداً في سفينة العناية أفرده - سبحانه - بالتحرُّرِ من رِقِّ خسائس الأمور. وشَغَلَه بظاهره بالقيام بحقِّه، وأكرمه في سرائره بفراغ القلب مع ربِّه، ورقَّاه إلى ما قال: "أنا جليسُ مَنْ ذكرني".. وقُلْ في عُلُوِّ شأنِ مَنْ هذه صفته.. ولا حَرَجَ!