التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً
١٣٩
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً
١٤٠
-النساء

لطائف الإشارات

من اعتصم بمخلوقٍ فقد التجأ إلى غير مُجير، واستند إلى غير كهفٍ، وسقط في مهواة من الغلط بعيد قعرها، شديد مكرها. أيبتغون العِزَّ عند الذي أصابه ذلّ التكوين؟! متى يكون له عزٌّ على التحقيق؟ ومَنْ لا عزَّ له يلزمه فكيف يكون له عز يتعدَّى إلى غيره؟
ويقال لا ندري أي حالتهم أقبح: طلب العز وهم في ذل القهر وأسر القبضة أم حسبان ذلك وتوهمه من غير الله؟
ويقال مَنْ طَلَبَ الشيء من غير وجهه فالإخفاق غاية جهده، ومن رام الغنى في مواطن الفاقة فالإملاق قصارى كدِّه.
ويقال لو هُدُوا بوجدان العِزِّ لما صُرِفَتْ قُصُودُهم إلى من ليس بيده شيء من الأمر.
قوله: { فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } العزُّ على قسمين: عزٌّ قديمٌ فهو لله وصفاً، وعزٌّ حادثٌ يختص به سبحانه من يشاء فهو له - تعالى - مِلْكاً ومنه لطفاً.
قوله: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } الآية: لا تجاوروا أرباب الوحشة فإن ظلماتِ أنفسِهم تتعدى إلى قلوبكم عند استنشاقكم ما يَرُدُّون من أنفاسهم، فمن كان بوصفٍ ما متحققاً شاركه حاضروه فيه؛ فجليسُ مَنْ هو في أُنْسٍ مستأنِسِ، وجليسُ من هو في ظلمةٍ مستوحِش.
ويقال هجرانُ أعداءِ الحقِّ فرضٌ، ومخالفة الأضداد ومفارقتهم دين، والركون إلى أصحاب الغفلة قَرْعُ بابِ الفرقة.
قوله: { إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ }: أوضحُ برهانٍ على سريرة (.....) صحبة من يقارنه وعِشْرة مَنْ يخادنه؛ فالشكل مقيد بشكله، والفرعُ منتشِرٌ عن أصله.